حلق مع هدهوديات في الفضاء السيبراني

recent
أخبار ساخنة

مأساة حلم

 



الحلم شيء جميل و قد يكون مستحيل....


الحلم قد يكون متنفس أثناء النوم....


الحلم قد يكون بشري تراها أثناء النوم....


الحلم  قد يكون هدفك بغير اوقات النوم....


لكن إن عشت الحلم بغير وقت النوم ولا استيقاظ....


إن حاولت استحضار حلم في غير ذات اوانه او مكانه....


ربما....ربما.....


يحدث ما لا تتمناه و ما لا يحمد عقباه...


لنتابع سويا، مأساة حلم:



_ها هي قهوتك يا كبير الكتاب.


_ ها ها، كبير الكتاب!! ليس إلي هذا الحد يا عزيزتي، انني مجرد غواص في بحر الادب.


_بل انت هكذا و قريباً سوف تتصدر كتبك المبيعات في الاسواق.


_ولسوف اقوم بالتوقيع لك علي غلاف اول نسخة.


_بالتأكيد، و لمن تظن نفسك موقعاً لاحد غيري يا زوجي الحبيب؟


_لكم انا سعيد بزواجنا الذي لم يتم شهره الاول يا حبيبتي.


_حسنا، سوف اقوم بإعداد قدح آخر من القهوة لك، حتي لا تتكاسل، هل لديك عمليات جراحية غدا؟


_نعم.


_حسنا، ابذل جهدك. احبك.


و جلس (آدم) خلف مكتبه حاملاً قلمه، محاولا الكتابة في دفتر مدوناته، كانت الفكرة حائرة في باله...


حسناً لا بأس ببعض القهوة ممممم انها جيدة حقا...


و لابأس ايضاً من الإستماع إلى بعض الموسيقي الهادئة إثناء الكتابة، إن جهاز الاستماع الموسيقى الذي وجده علي الفراش موضع نوم زوجته يفي بالغرض، حسناً فلنضع السماعات...


كانت الغرفة مربعة متوسطة الحجم و كانت هناك نافذة علي يسار المكتب الذي يجلس خلفه، و كانت هناك مرآة متوسطة الحجم امامه، و من خلفه كانت تقبع لوحة منقوشة علي الزجاج، لوحة كانت تمثل امراة تردي زي ازرق و تبدو كفرسان العصور الوسطى و كانت تستند علي سيف كبير علي جانبها الايسر....


كان انعكاس اللوحة علي المرأة و الانعكاس المعاكس علي اللوحة يعطيه احساس بالإتساع اللامتناهي، و كأنه يجلس لدي مصفف الشعر...


في الواقع لم يكن يحب تلك اللوحة كثيراً، لكنه كان يحتفظ بها فقط لمجرد إن زوجته هي من قامت برسمها و اهدائها له في بداية زواجهما....


يا لا ذوقها الغريب في السرم و يلا النساء ...قالها لنفسه و هو يتلفت حوله....


و بدأ يكتب (آدم)....


_هيا يا (صفاء)، سوف نتأخر عن موعد العمل 


_ها انا ذا، انطلق ولا تتلكأ.


_يلا النساء.


_ماذا تقول؟؟؟


_أقول صباح الخير يا مولاتي.


_حسنا يا زوجي العزيز، انطلق.


_قومي بربط حزام الامان لاننا بصدد الإنطلاق مخترقين سرعة الصوت.


_واو، بل تعني سرعة الضوء، بسيارتك العظيمة هذي التي تنتمي إلي القرن الماضي.


_الا تعملي كمهندسة برمجيات بل و في تخصص الواقع الافتراضي؟


_بلي.


_ لما لا تقومي إذا بصنع واقعاً تتحول هذه السيارة إلي اخري المانيه تحمل شعار النجمة الفضية و تحوي على ثمانيةسلندرات سلندرات مع شاحن توربو مزدوج.


_حسنا سوف افعل هذا عندما تقوم بإمدادي بأوراق نقد خضراء اللون في الواقع الفعلي.


وهكذا انطلقت تلك السيارة الايطاليه القديمة التي تعود إلي حقبة السبعينيات من القرن الماضي، السيارة التي يتكون اسمها من ثلاثة ارقام، تلك السيارة التي عرفتها و تملتكتها و اخذتها اغلب الاسر المصرية بغض النظر عن مستواها المادي.


انطلقت السياراة تشق طريقها ما بين ضاحية ما في القاهرة الجديدة متجهتا صوب قلب القاهرة الكبرى، انطلقت مقلي الزوجان الشابان (ادم ) و ( صفاء) 


انطلقا ملئيين بالتفائل،بالحب، راجيين مستقبل افضل ، مفعمين بالامل و داعيين الله ان لا تتعطل بهما السيارة في الطريق!!!


ادم: ها قد وصلنا اخيرا.


صفاء: الحمدلله انني لم اضطر إلى إستعمال المقعد القاذف للفرار من السيارة.


ادم: حسناً يا جميلتي، عليك القفز بالمظلة كي تقومي باللحاق بعملك و إلا سوف يقوموا بفصلك، اعتني بنفسك، احبك، وداعاً.


صفاء: و انت ايضاً اعتني بنفسك و حاذر و انت تقوم بإجراء الجراحة، احبك يا زوجي المجنون، وداعاً.


انطلق (ادم) بسيارته متجهاً صوب المستشفي التي يعمل بها،و ما إن وصل حتي  توجه إلى غرفة العمليات الجراحية و قابل صديقه (عمر)


ادم: صباح الخير يا صديقي، هل كل شيء جاهز؟


عمر: صباح الخير ايها القائد. نعم كل شئ جاهز و هناك لتر كامل من الدم معد من اجل العملية.


ادم:عظيم،فلدينا ساعات من العمل الشاق، فلن نقوم بإستئصال ورم من المخ كل يوم....إلي القتال .


بعد إنتهاء الجراحة...


عمر:سلمت يداك ايها الجراح العظيم.


ادم: الحمدلله، اشكر مساعدتك يا صديقي. لكن تاكد من دخول المريض إلي غرفة العناية الفائقة.


عمر: لاتشغل بالك يا قائدي و معلمي. لكن هل لي بسئوال؟


ادم: بالتاكيد.


عمر: مالي اراك مهموماً مشغول البال؟؟؟


ادم: انا لا اخفي عليك يا صديقي انني آمر بضائقة مالية حالياً، فلقد انفقت كافة مدخراتي من اجل الزواج.


عمر: هكذا حالي ايضاً.


ادم: إن سيارتي توشك علي لفظ انفاسها الاخيره في اي لحظة، و لا املك مالا كافياً كي اقوم بإستبدالها حالياً، كما أن ( صفاء) في حاجة ملحة الي شراء الكثير من الاحتياجات و انا لا اقدر. انها لا تشكو ابدا و تقول لي دائما انها لا تحتاج إلى اي شئ آخر، لكنني اعلم انها تحتاج الكثير و الكثير.


عمر: إنها زوجة عظيمة حقا.


ادم: نعم، هي كذلك  سوف اقوم بطلبها هاتفيا.


و في تلك الأثناء كانت (صفاء) تعمل في مختبر البرمجيات مع صديقها (دينا) و كانتا بصدد القيام بعمل تطبيق جديد فيما يتعلق بمجال الواقع الافتراضي.


صفاء: لقد قطعنا شوطاً طويلاً.


دينا: بالفعل، و لسوف تكون مفاجئه الموسم.


صفاء:بل سوف تكون مفاجئه للعالم أجمع.


دينا: لكن كيف خطرت إليك تلك الفكرة المجنونة، انها رائعة حقا.


صفاء: لطالما احببت الخيال و الواقع الافتراضي، لكن لدي وجهة نظر مختلفة هذه المرة.


دينا:و ماهي؟


صفاء: فبدلا من أن نذهب نحن الي الواقع الافتراضي، فلما لا يأتي هو إلينا؟؟؟


دينا: فكرة جديدة لكنها مخيفة حقا، فكيف سوف تتمكني بالسيطرة على الامر؟؟


صفاء: إن الموضوع مازال قيد التجربة، لكن تخيلي إن ما تحلمين به او تفكرين فيه قد اصبح واقعاً فعلياً.


دينا: كيف!!!


صفاء: هناك مرحلة من مراحل النوم اسمها( Hipnogogic Status) و هي مرحلة فاصلة بين النوم و الاستيقاظ، تحدث فيها الهلاوس مصحوبا بالاحلام و شلل النوم (hallucinations, dreams and sleep paralysis)، حتي انك عندما تقومي بالاستيقاظ من النوم خلال تلك المرحلة فأنك تشعرين إن ما رأيتيه لم يكن حلما.


دينا: حقا؟؟؟


صفاء: نعم، حتي ان العلماء يطلقون على تلك المرحلة اسم ( الحلم السائر) (The walking dream).


دينا: يبدو مثيرا للاهتمام، و ماذا ايضاً؟


صفاء:إن للنوم مراحل تحدد بواسطة رسام العقل الكهربائي (electroencephalogram) EEG، و يقوم بتسجيلها في صورة موجات كهربائيه و اثناء تلك المرحلة يحدث قمع في موجات ألفا ( Alpha waves) .


دينا: بدات افهم فكرتك.


صفاء: و ماذا لو قمنا بتضخيم تلك الموجات مع وجود عقاقير تقوم بإحداث الهلاوس كانواع من المنومات تسمي الفينوپاارپتبوريتات( phenobarbitoraites) !!قطعاً سوف تصبح النتائج مبهرة.


دينا: انت مجنونة، لا بل انت مخبولة تماماً.


صفاء: لايهم، لكن الغاية اسمي 


دينا: و كيف ستقومي بفعل ذلك؟


صفاء: لقد قمت بالفعل بصنع جهاز يقوم بصنع مجال كهرومغناطيسي يضخم موجات الفا، و قمت بالفعل بتجربته بمعمل النوم الذي يعمل به زوجي ( آدم) في المستشفي، إنه جراح مخ و اعصاب كما تعلمين.


دينا: و كيف سمح لك بذلك!!!


صفاء: قمت بعمل ذلك دون ان يدري بالطبع. حسناً فقط تخيلي طبيقات هذا الجهاز، تخيلي الارباح، تخيلي الشهرة و لسوف يقوم العالم بأسره بالإنحاء من اجلي و انا اتقدم مصافحا ملك السويد و هو يمنحني جائزة نوبل في الفيزياء.


دينا: اخشي اننا سوف نقوم بإصطحابك الي مستشفي الامراض العقليه قريباً جداً. كوني حذرة اخاف من إن تحرقك نار ما انت مقدماً عليه.


صفاء:لا تقلقي علي.


و هنا دق جرس هاتف صفاء...


آه إنه ادم، قالتها صفاء، كيف حالك يا حبيبي، أقد وصلت؟؟


ادم: نعم للتو، و انا في انتظارك اسفل البناية.


صفاء: انني ذاهبة الآن يا ( دينا) القاك غدا، إلي اللقاء.


دينا: إلي اللقاء...


و قالت محدثتا نفسها:


صفاء احذري مما تريدين فعله، اخشي إن اقول وداعاً، رحماك يا خالق السموات.


انطلق الزوجان بالسيارة في طريق العودة...


ادم: كيف كان يومك؟


صفاء: ممتعاً كالعادة، ماذا عنك؟


ادم: مرهقاً حقا فلقد استغرقت الجراحة سبع ساعات كاملة.


صفاء: يا إلهي، لكن انت لها يا عزيزي، لكن هل لك ان تسرع قليلاً، فانا اتضور جوعا.


ادم: حسناً فلنزد السرعة قليلاً... ما هذا الصوت!!!


صفاء: نعم هناك صوت غريب يصدر من تحت غطاء المحرك.


ادم: انها لا تستجيب، انها توشك علي التوقف...تبا فقد توقفت بالفعل.حسنا سوف انزل كي اري ما حل بالمحرك.


صفاء، قد مات المحرك نهائيا، ترجلي من السيارة يا عزيزتي.


صفاء: الا تقوم بطلب النجدة.


ادم: لا توجد إتصالات هنا، انها منطقة نائية.


صفاء: لكن هناك حافلة تقوم بالمرور من هنا في طريقها إلى ضاحيتنا كل بضع ساعات يومياً.


ادم: اخشي إن موعدها قد ولي، فلنتريض قليلا عسي ان نجد من يساعدنا.


و سار الزوجان قرابة الساعة...


ادم: عجباً، ما تلك القشعريرة التي اشعر بها فجأة مع ان الطقس من المفترض به إن يكون حار في مثل هذا الوقت من العام!!!


صفاء: نعم اشعر بهذا ايضاً، انظر يا آدم إن هاتفي الجوال قد تعطل كذا ساعتي ايضاً.


ادم: حتي عمدان الانارة لا تعمل،لو توجد سيارات مطلقاً، لولا ضوء البدر لأطبق ظلام دامس علي كافة الإجراء.


صفاء: انظر هناك، هنام مبني مضئ.


ادم: نعم انني اراه، هلمى بسرعة.


و ركضوا طالبين الامان، و شاهدوا قصرا كبيراً مضيئا يبدو كالواحة في صحراء في مثل هذا المكان المقفر.


ادم: عجباً، انا لم اري هذا القصر من قبل مع اننا نسير على هذا الطريق يومياً.


صفاء: و انا ايضاً، لكن من يهتم الآن.


و اقتربا من القصر و شاهدا العشرات من السيارات الرابطة امامه، سيارات قديمة و آخري حديثه، سيارات يجدر بها إن توضع في متحف و آخري تبدو و كانها قادماً من المستقبل و كانها قادماً من الفضاء.


هناك اضواء مبهرة تضئ المكان مع صوت موسيقى تشدو من الداخل، موسيقى كلاسيكيه يعود تاريخها إلي منتصف القرن العشرين، لا بل تبدو و كانها موسيقى عتيقة جدا منذ القرون الوسطى.


وقف الزوجان امام باب القصر و قام ( ادم) بدق جرس الباب.


و ما إن انفتح الباب برز للزوجين رجل عجوز يرتدي ثوبا ازرق طويل يتوسطه شريط احمر و يضع  غطاء للرأس ابيض اللون، انفرجت منه ابتسامة اظهرت اسنانه البيضاء التي التمعت علي عكس بشرته السوداء مما يعطيك إنطباع إنه ( عم إدريس) او (عثمان) او شئ من هذا القبيل.


نعم يا حضرات!!! تسأل الرجل 


معذرة، لكن سيارتنا قد تعطلت علي الطريق و جئنا إلى هنا كي...


مفهوم مفهوم...تفضلوا بالدخول، إن (جولنار) هانم آتية حالا.قالها الرجل و تواري عن الانظار قبل ان يقوم الزوجان بأية تسألات اخري.


بدا الزوج في التطلع إلى المشهد امامهما، فقد كانت هناك بهو فاخر، مهيب، كبير، مليئ بلوحات يجدر بها إن توضع في متحف اللوفر ذاته، بالإضافة إلى العشرات من التحف و قطع الاثاث التي تنمي حتماً الي طراز لويس التاسع او حتي لويس الخامس عشر ( هذا اذا كان الحاج ابو لويس قد انجب خمسة عشر طفلاً).


كانت هناك موسيقى ساحرة آتية من لامكان لكنها تحلق بك بعيدا في كل مكان و زمان....


رجال يرتدون بذات كلاسيكيه يقفون امام نسوة يرتدين ملابس سهرة كلاسيكيه ايضاً ، و جميعهم يحملون كوئسا بها مشروب ما، مع وجود عدد من النوادل هنا و هناك يحملون صفحات عليها كئوس و حلوي...


و هناك في الطرف الآخر من البهو كانت مدفأة جدارية كبيرة تتراقص نيرانها في مشهد محبب للأنظار باعثا الدفئ في الاوصال.لكن عجباً لم يقومون بإشعال نار المدفأة في مثل هذا الوقت من السنة!!! ربما هي من طقوس الحفل.


و علي يمين المدفأة كان هناك سلم يقود إلى الطابق العلوي، و كان هناك ثمة باب خلف السلم.


فقد كان الزوجان ينتظران إن تهبط (ليلي مراد) من اعلي الدرج كي تقابل (انور وجدي) بالأسفل حتي يرقصا سويا و تقوم بالغناء له قبل ان يقوم بعد ذلك بالتقدم  بخطبتها من ابيها الباشا.


مرحبا بكم، انتشل صوت أنوثي رقيق الزوجان من الدهشة...


كانت تقف إمامهما أمراة في اواسط الاربعينيات من العمر، بيضاء البشرة، شقراء، زرقاء العينين، طويلة القامة تبدو و كأنها (سندريلا) ذاتها من شدة جمالها، حقا ان المرأة الجميلة في تلك السن تبدو تفاحة في قمة النضج و تنتظر من يقوم بقطفها.


اهلا بحضرتك، قالها ادم.


انا (جولنار) هانم سيدة القصر، قالتها المرأة.


ادم: انا الدكتور (ادم) و تلك (صفاء) زوجتي و قد تعطلت سيارتنا علي الطريق و قد جئنا كي....


جولنار: مفهوم يا دكتور، إن تلك الاشياء تحدث، لا مشكلة سوف يقوم السائق بتوصيلكما الي الوجهة التي تريداها، لكن يجب ان تنضموا الي الحفل اولا لانكما تبدون متعبان و انا لست بخيلة، تفضلا بالدخول.


دلف الزوجين الي الداخل بصحبة (جولنار) هانم التي قامت بتعريفهما علي ضيوفها.


ادم لم كل هؤلاء الناس يبدون و كأنهم منذ زمن بائت؟؟؟ سألته (صفاء) 


ادم: لا ادري حقا، لكنهم ودودين للغاية فلا مشكلة.


انا اقيم هذا الحفل مرة كل شهر في ليلة إكتمال القمر، كي نقوم بتحديد الذكريات الحلوة و الحياة ذاتها انا و اصدقائي القدامى، قالتها (جولنار) هانم.


ادم: كنت احسبك ستقولين كل ليلة خميس.


جولنار: إن لضوء البدر سحر خاص يا عزيزي، إنه يمنحنا الحياة ذاتها، إنه يمنحنا الطاقة اللازمة كي نقوم بتجديد الحياة.


أدم، ماذا تقصد تلك المرأة بكلامها هذا!!! يبدو مريبا، قالتها (صفاء).


ادم: ربما تكون واحدة من هؤلاء الشعراء او الفلاسفة المخبولين يا عزيزتي، فليس معني ما تقوله انها من المذئوبين. نحن لسنا في رومانيا و لا في روائع رعب، حسنا.


تفضلوا كي تشاهدوا العرض المفتوح، قالها رجل برز من خلال الباب، و التفت حوله مجموعة من الناس.


تفضلوا معي كي نشاهد العرض في ضوء البدر، قالها الرجل و اخد المجموعة و تواروا خلف الباب.


ادم ، ما هو هذا العرض؟ تسائلت (صفاء).


و كيف لي ان اعرف!!! هل إن مولود هنا!!! اجابها (ادم).


اريد ان اذهب لروية ذلك العرض، قالتها (صفاء).


حسناً لو دعونا للذهاب سنذهب، يا لك من طفلة فضولية، قالها (ادم).


ادم، انت هنا ايضاً!!!! قالها شخص ما 


ادم: من؟؟؟( مصطفي)!!! ماذا تفعل هنا يا صديقي؟


مصطفي: انا هنا دوماً في ضيافة ( جولنار) هانم.


ادم: هذا جميل، لكن لما تبدو و كانك لم تتقدم في العمر يا صديقي، انا لم ارك منذ سنوات.


مصطفي: بالطبع،فأنا لم اتزوج مثلك، هاهاها ، معذرة يا مدام.


صفاء: من الطبيعي ان لا تقبل ايه حمقاء بالزواج منك.


مصطفي: ماذا تقولين؟؟؟


صفاء: اقول انني قد تشرفت بمعرفتك.


مصطفي: حسناً يا (ادم) آمل أن اراك دوماً و قريباً.... وحدك، إلي اللقاء.


هل أعجبتكم الجولة؟؟ قالها الرجل الأنيق و هو يدلف من الباب و معه المجموعة التي قامت بالذهاب معه منذ قليل.


كانت حقا رائعه، قالتها احد النسوة.


ادم، لقد اصطحب الرجل ستة عشر شخصا في الجولة و قد عاد معه اربعه عشر شخصا فقط. الم تلاحظ؟ سألته صفاء 


أرحميني من ملاحظاتك التي لا تنتهي و استمتعي بالحفل، قالها ادم.


حسناً، هناك شيئا ما خاطئ و لسوف ابرهن لك، قالتها صفاء.


ها، يا للنساء، قالها ادم( بصوت خافت بالطبع).


و في تلك الأثناء، كانت (جولنار) هانم قد دلفت إلي حجرة مكتبها الفخم، و وقفت امام مرآة كبيرة موضوعة علي الجدار كي تتأمل نفسه.


جميلة انت كعهدي بك دوماً يا ( جولنار)، انت حقا جميلة.


بالتأكيد انا كذلك يا زوجي العزيز. انت تقول لي هذا دائماً منذ زمن.


نعم، منذ ما يقرب من خمسمائة عام او يزيد.


لا تخاطب المرأة ابدا بعمرها يا عزيزي، لا تفعل ذلك ابدا.


ها ها ها، قد مرت قرون طويلة منذ ان وطأت اقدامنا ارض تلك البلد، و هناك دوماً من يضلوا الطريق في الصحراء.


نعم، لابد من زوجين شابان، حديثا الزواج ، في ليلة إكتمال القمر. ولابد من التضحية بهما، لابد. لابد من دماء كي تنتقل الطاقة و الروح إلينا كي نعيش خالدين.


و ماذا عن صيد الليلة!!!


هناك زوجان في نهاية العقد الثالث من العمر و اقدر إن بهما طاقة تكفينا حتي موعد البدر القادم.


هذا عظيم. و هل اخبرتي ( إدوارد) بما عليه القيام به؟؟؟


نعم،لا تقلق، و لسوف يقوم بأصطحابهما في الجولة القادمة.


و في الخارج كان الرجل الانيق ( إدوارد) الذي دعا الناس الي القيام بالجولة، يتلفت إلي ( ادم) و (صفاء) و يقول لهما:


هلا تقوموا بتشريفنا بالإنضمام الي الجولة؟


نعم، بالتاكيد، هيا بنا يا (ادم) ، قالتها (صفاء).


ادم، لا تذهب معهم، ارجوك يا صديقي.


تلفت (ادم) إلي مصدر الصوت، و هتف بدوره قائلاً:


رشدي، انت هنا ايضاً يا صديقي!!! انا لم ارك منذ اكثر من عشر سنوات كاملة. انت ايضا شكلك لم يتغير يا صديقي، الم تتزوج مثل ( مصطفي) ايضاً؟؟


ادم، فقط تذكر انني قلت لك  ان لا تذهب.قالها (رشدي).


تفضل يا استاذ ( رشدي) من فضلك و دع ضيوفنا يستمتعون بالجولة، قالها ( إدوارد) مخاطباً ( رشدي).


ودلف الزوجان بصحبة ( إدوارد) و المجموعة من الباب


ياللروعة!!!! قالتها (صفاء).


كانت هناك مجموعة غريبة و فريدة من القصور و المعالم الأثرية والتاريخية التي يستحيل أن تتواجد في مكان واحد و لا حتي في الاحلام.


انظروا إنه قصر ( نويشفانشلنانين).قالها ( إدوارد).


نعم، إنه نموذج متقن لنفس القصر الذي شيده الملك (لودفيج الثاني) عام ١٨٦٩ في ولاية (پاڤاريا) الامانية. و قد قاموا بتصتيفه في العام ٢٠٠٧ من احدي عجائب الدنيا الثمانية، قالتها صفاء.


ادم: كيف عرفتي هذا؟


صفاء: انها معلومات عامة. إن ما لا تعرفه يستطيع أن يملأ دائرة معارف يا عزيزي.


إنه ليس نسخة، إنه هو القصر ذاته يا سيدتي، قالها ( إدوارد).


نظر ( ادم) و (صفاء) إلي بعضهما البعض متسائلين.


إدوارد: اننا نقوم بجلب كل هذا الي هنا كل شهر في ليلة إكتمال القمر.


ادم: صفاء،ماذا يقول هذا المخبول!!! هل ما يقوله يقع ضمن إطار معلوماتك العامة ايضاً؟؟؟


صفاء: لا يهم يا ادم، فلنتابع العرض حتي النهاية. ادم، انظر هذا هو برج لندن.


إدوارد: نعم إن عمره يزيد عن الالف عام، فقد كان سابقاً مقرا للحكم و كان سجنا ايضاً لفترة من الزمان.


ادم: و طواحين هواء هولاندية ايضاً، هذا عجيب!!!


صفاء: نعم، انها طواحين ( مولين دي اريان) الشهيرة و التي تقع في مدينة (هارلم) الهولندية و قد تم بناؤها في القرن الثامن عشر.


و ظلت المجموعة تتنقل من مكان الي آخر يشاهدون عجائب الدنيا عبر التاريخ و عبر القارات مجتمعا جميعها في مكان و زمان واحد...


كان الشوق و الدهشة و الفضول يأخذون ( ادم) و (صفاء) إلي الاعماق، إلي الداخل اكثر فأكثر دون ان يشعروا بأي شي...


عودوا الي الداخل، الآن و بأقصي سرعة....


كان هذا هو صوت ( إدوارد) مخاطباً المجموعة، فنظر ( ادم) و (صفاء) إلي الخلف و شاهدوا الناس و قد ابتعدوا عنهما كثيرا و يدخلون من الباب الذي قد دلفوا منه جميعاً قبل قليل... 


و انغلق الباب....


و قبل ان يفيقا من دهشهتديهما نظر ( ادم) و (صفاء) إلي الجدار الذي يحوي الباب المغلق، كان عاليا جداً، احمر اللون مبني من طوب احمر قاتم، جدار اشبه بالجدران التي بنيت بها مباني (پاريس) إبان الثورة الفرنسية.


كانت هناك لوحة جدارية عملاقة علي الجدار، لوحة مصنوعة من الزجاج، لوحة تمثل امراة ترتدي ثوب ازرق و تبدو كفرسان العصور الوسطى و كانت تتكئ علي سيف عملاق علي جانبها الايسر.


لكن اتخداعهما عيناهما ام ان تلك الفارسة تتجسد فعلاً و تخرج من المرآة!!!!


انها تلوح بسيفها الضخم بينما هي تتقدم نحوهما بسرعة....


و استلت الفارسة سيفها....


و قطعت راس ( صفاء)...



ها هي قهوتك يا كبير الكتاب، كان هذا هو صوت (صفاء)، زوجة ( ادم) التي انتشلته من كتاباته....


لقد افزعتيني حقا، قالها ( ادم).


صفاء: و هل كنت مندمجا الي هذه الدرجة!!!


ادم: نعم، اجلسي و لسوف اقص عليكي ما كتبته.لقد قمت بإستعمال اسمي و اسمك كالعادة في الرواية حتي نتفق سويا علي اختيار اسماء جديدة كالعادة.


و روي عليها ( ادم) ما كتب...


و بدت علامات الدهشة و القلق والتوتر علي وجه (صفاء)...التي تسألت قائلاً:


ادم، لم تحمل مضخم الموجات معك!!!


ادم: عم تتحدثين؟؟؟


صفاء: عن الجهاز الذي تضع سماعاته بأذنك.


ادم: لقد وجدته علي الفراش حيث كنت ترقدين،  بعد ما عدنا انا و انت من اعمالنا اليوم، إنه مشغل الموسيقى،اليس كذلك؟؟؟


صفاء: لا إنه مضخم لموجات الفا.


ادم: الخاصة بالنوم!!!!


صفاء: نعم.


ادم: لا افهم؟؟؟


صفاء: كنت قد قمت بإختباره في مختبر النوم الذي تعمل به دون ان تدري.


ادم: و لماذ قمتي بفعل ذلك؟؟؟


صفاء: من اجل ان اقوم بجلب الواقع الافتراضي الي الواقع الفعلي.


ادم: كي تقومي بجلب ماذا!!!!!


صفاء: ادم، قل لي بالله عليك، من اين جائتك فكرة الرواية هذه؟


ادم: قمت قد حلمت بها.


اتسعت عينا (صفاء) في رعب حقيقي هذه المرة و هي تنظر خلف ( ادم) تنظر إلي حيث اللوحة الزجاجية المعلقة على الحائط و التي قامت هي نفسها برسمها....


و نظر ( ادم) إلي حيث ما كانت تحدث فيه زوجته...


انها اللوحة التي تمثل امراة ترتدي ثوب ازرق و تبدو كفرسان العصور الوسطى و كانت تتكئى علي سيف عملاق علي جانبها الايسر، و التي كان وقد وصفها في روايته...


ادم: صفاء، من اين استوحيتي فكرة تلك اللوحة؟؟؟


صفاء: لقد رأيتها في حلم.


ادم: و ماذا يفعل هذا الجهاز بالضبط يا (صفاء)!!!!


صفاء: يحول الحلم الي واقع يا ( ادم). 


و هنا قد تجسدت الفارسة من المرآة و تقدمت نحو (صفاء) في خطي بطيئة، بطئية لكنها ثابتة، و استدلت سيفها....


ادم اطفئ الجهاز، ارجوك يا ادم اطفئ ال....


لكن اخر ما رأته ( صفاء) كان اصابع اقدامها و موضع راسها على اكتافها الذي اصبح فارغاً و تنطلق من موضعه الدماء كالنافورة قبل ان يسقط جسدهها امامها علي الارض بلا رأس.




                                                    د. سامح هدهود
























مأساة حلم
DR. ‎Sameh ‎Hadhoud

تعليقات

19 تعليقًا
إرسال تعليق
  • Unknown photo
    Unknown3 ديسمبر 2021 في 7:39 م

    لك حقول. من الحبق والمنتور كلمات سطرت ع سطور من دهب. ودي وتقديري تحياتي لك. دكتور سامح

    حذف التعليق
  • غير معرف22 يوليو 2023 في 1:30 م

    ❤️

    حذف التعليق
    • Dina Abdelrahman22 يوليو 2023 في 4:44 م

      what a wonderful novel

      حذف التعليق
      • غير معرف22 يوليو 2023 في 10:48 م

        رائع جدا جدا

        حذف التعليق
        • غير معرف19 ديسمبر 2023 في 4:05 ص

          جميل

          حذف التعليق
          • غير معرف13 أبريل 2024 في 1:29 ص

            القصة و الخيال و السرد رائع و ممتع

            حذف التعليق
            • غير معرف18 يونيو 2024 في 8:02 ص

              رائع يا دكتور سامح
              لا أجد ما اقول غير أحسنت كعادتك دائماً 👌🏼👍🏼 مصطفى

              حذف التعليق
              • زهره والحلم18 يونيو 2024 في 10:12 ص

                رووووعه كعادتك تحلق فى السماء أو تركض ع الأرض فى عالم موازى لايدركه معظم البشر

                حذف التعليق
                • غير معرف18 يونيو 2024 في 11:50 ص

                  جميل ما شاءالله..بالتوفيق دائما.

                  حذف التعليق
                  • غير معرف18 يونيو 2024 في 11:50 ص

                    دام تالقك وابداعك دكتور سامح

                    حذف التعليق
                    • غير معرف28 سبتمبر 2024 في 3:58 م

                      الأسلوب وطريقه السرد تنم عن أديب متألق

                      حذف التعليق
                      • غير معرف29 سبتمبر 2024 في 5:35 ص

                        جميل يادكتور 🤲

                        حذف التعليق
                        • غير معرف29 يونيو 2025 في 1:40 ص

                          رائع يا باشا
                          استمر
                          جميل جدا جدا 👍

                          حذف التعليق
                          • غير معرف29 يونيو 2025 في 3:00 ص

                            أدم الشخصية الرائعة 😍

                            حذف التعليق
                            • غير معرف29 يونيو 2025 في 4:27 ص

                              ممتاز بالتوفيق

                              حذف التعليق
                              • غير معرف29 يونيو 2025 في 7:59 ص

                                جميلة بالتوفيق د. سامح

                                حذف التعليق
                                • منال عاطف photo
                                  منال عاطف2 يوليو 2025 في 12:27 م

                                  متألق دوما يا دوك

                                  حذف التعليق
                                  • غير معرف11 يوليو 2025 في 12:51 م

                                    رائعة 🌹

                                    حذف التعليق
                                    google-playkhamsatmostaqltradent