إن أحدهم خائف...مذعور لا ينام الليل...مرتعداً مترقباً حصاد عمله الأسود و عقاباً من الله يزلزل السموات و الأرض
إن أحدهم قد طُمس قلبه...عُميت بصيرته...لم تجد الرحمة إلى قلبه يوماً سبيلاً و لم تدرك المسامحة طريقاً إلي روحه و لو قليلاً
إن أحدهم أستبد به الغرور...و سوَل له غبائه أن لا تراجع عن جرمه، بل صور له عناده ان لا حماية له سوى بإنشاء جيلاً جديداً مثله يحمل رايات الشرمن خلفه... يحميه يوم هوان
إن أحدهم قد جمع بين الشيطان و الدجال...قام بجذب سهام جهنم على وتر قوس الجحيم و أطلق للشر العنان
إن أحدهم لم يدرك...لم يكن ليتخيل أبداً ان الدنيا دائرة مٌحكمة الإغلاق...و ان السهم الجحيم سيعود يوماً إلى الراسل...حتماً سيعود
لا أدرى إن كان هناك ما يُسمي ب (السيئة الجارية) أم لا!!! لكن أحدهم قد فعلها...بل لقد أستحقها عن جدارة...حقاً لقد فعلها
أننى مازلت حتي تلك اللحظة أتسائل... هل كان ذلك حُلماً!!! كلا، لم يكن حلماً و لا حتى كابوساً...لم يكن...لم يكن أبداً
من مذكرات (أدم)
أحدى الغابات فى بقعة بعيدة باردة عاى كوكب الأرض:
تراهم هناك يتحركون في تؤدة، يتحركون فى نظام، يقطعون السٌبل عبر غابات كثيفة، غابات بعيدة، غابات غامضة، لها كيانها الخاص، كياناً تعج عن وصفه، غابات يكسوها الثلج مُعظم الوقت، غابات قد لم تطئها قدم إنسانٍ من قبل، غابات لا يدرك الضوء عبر فروع أشجارها سبيلاً
غابات الأبيض الوحيد فيها هو لون الثلج، لون النقاء و الطهارة المنشود من قلوب بنى البشر، غابات ربما قد يكون سقط فيها نيزكاًعملاقاً قبل ملايين السنين فقام بتبديل الحياة على سطح هذا الكوكب يوماُ ما، غابات قد سقطت فيها شجرة على أرضها يوماُ ما فلم يسمع صوت إرتطامها أحداً...لم يسمعه أحداً يوماً أبداً...ربما لأنها لم تصدر هي صوتاً من الأساس...و لربما قد إنتقل صوتها عبرالفضاء و قام أحدهم بإلتقاطه فى إحدى المجرات البعيدة فأدرك أن هناك حياة في الطرف البعيد من الكون...ربما
هناك بعض الفلاسفة من يقولون إن لم يكن هناك من سمع ذلك الصوت فإنه غير موجود من الأساس...ربما، وهكذا ينضم صوت إرتطام تلك الشجرة على الأرض فى بقعة نائية من كوكب الأرض إلى قائمة لألغازالتى يذخر بها ذلك الكون اللامتناهى
مازالوا يتحركون تحت ضوء البدر الذى يُلقي ظلالهم على الثلج مُجسداٌ إياها و كأنهم حراس الليل الأبدى فى تلك البقعة الباردة من العالم، هم وحدهم يعرفون أسرار و خبايا ذلك المكان، بل إن ذلك المكان نفسه لا يسمح أحد غيرهم بالإتطلاع عل أسراره، هكذا هو حال عقداً غير مكتوب مبروم بينهم منذ بدء الخليقة، فهو منهم و هم منه...تلك هى الحقيقة سواء شئت أم أبيت
و فى طليعتهم تجد قائدهم و من خلفه كِبار قادته يتبعهم نسائهم و أطفالهم و عجائزهم بينما يسير الأشداء منهم فى الخلف و فى الأطراف موفرين الحماية و الأمان للجميع، نعم فهم يمتازون بالكثير من الصفات النبيلة و التي قد عجز عن التحلى بها معظم من يدعون إنهم هم سادة هذا الكوكب
إنهم الذئاب، نعم هم الذئاب الذين لا يخونون و لا يأكل القوى منهم الضعيف، الذين لا يتزوجزن بعد موت شركاء العُمر، ألذين يقدسون كبار السن و يذودون عن صغارهم حتى الموت، قد لقبوا الذئب بالأبن البار، بل حتى إن بعضهم يقوا إن الذئاب قادرين عاى رؤية الجن بل و قتلهم، تخافهم الشياطين بل وتلاهبهم شياطين الجن و ألأنس معاً على حد السواء
هناك في الطليعة قائدهم، الذئب (هايسكى) الذى قام بالتصدى للساحر و قضى عليه ونصف دزينة من أعوانه من نساء شياطين البشر. هل كُنَ بشريات أم إنهن كُنً من نساء الجحيم!!! مازال (هايسكى) يسأل نفسه منذ أن شاهد ما يشيب له الوُلدان ، مازال لم يجد إجابة...لم يجدها أبداً
و تحت ضى البدر المٌكتمل خاطب (هايسكى) أحد قادته متسائلاً: كاتُبغا، كيف حال عشيرتنا؟
كاتُبغا: كاهم بخير يا سيدي
هايسكى: قٌم بطمئنتهم أننا على صدد إيجاد موضعاٌ مناسباٌ لجماعتنا
كاتٌبغا: كما تري سيدى القائد، كما ترى. لكن ألا تلاحظ ان موضعنا السابق كان حقاٌ جيداٌ و ممتلئىٌ بالصيد الوفير؟
هايسكى: بلى يا كاتٌيغاو بلىن لكن ما فعلوه أهل الشر أولائك جعلنى أرى الشياطين ترعى فى كل موضع حجر هناكز لا أريد لشبيبة الذئاب من جماعتنا أن تحيى وسط ذكريات هولاء البشر ولا يروهم من الأساس، أنى أكره البشر يا كاتٌبغا....أكره البشر..لأننى أمقتهم
كاتٌبغا: فلريحمنا منهم خالق السموات
هايسكى: حسناُ، سأعتلى تلك الصخرة و أقوم بالعواء حتى أتبين إذا ما كانت هناك عشيرة أخرى غيرنا فى الجوار، فإن كان أحدهم هناك و أجابانى بالعواء فسوف نتحرك الى مكانٍ أخر
كاتٌبغا: نعم يا سيدى، فنحن الذئاب أسمى من أن نقوم بالإستيلاء على ما يملكه غيرنا
و قام (هايسكى) بإعتلاء قمة صخرة عاليةٌ بعيدة و توجه نحو البدرفشاهد على سطحه أحداث جلسة الشر و كأنها تتجسد أمامه من جديد، جلسة السحر الأسود و التى قام بالقضاء عليها هو و أعوانه، رأها تتجسد على الوجه الأخر للقمر تٌبكيه, تجعله يئن، تسكب دمعه على الأرض مُغرقةٌ إياها تحت وابل من الدموع السوداء..دموع البدر، و لو ان (هايسكى) شاعراٌ لأنشد قصدة ( ليلة بكى القمر)، يا ليتك كنت شاعراٌ يا (هايسكى)، يا ليتك كنت يا (هايسكى)، يا ليتك كنت
أنتشل (هايسكى) نفسه من شروده ز قام بالعواء و عوى و عوى مرات عديدة و ما من مجيب
هايسكى: حسناُ يا عشيرتى، سوف نتخذ من هذا المكان موضعاٌ و مستقراٌ لنا، ثم إاتفت الى (كاتٌبغا) قائلاٌ: فلتستعد جماعة الصيد للتحرك فوراُ، و لتبقلى الباقية لحماية باقى الجماعةز
كاتُبغا: أمرك سيدى...جماعة الصيد...تحركوا...الى الأمام
, تحركت الجماعة ساعياٌ وراء الرزق منشدين...
أرزقنا يا رحمن من روح و ريحان...
أرزقنا يا رحمن جنةُ قد أعددتها لللأنام...
أرزقنا يا رحمن و أكفنا شر اللئام...
أرزقنا يا رحمن و أجعلنا من كرام...
أرزقنا يا رحمن فأنت رب الأكوان...
أرزقنا يا رحمن فأنت الأول و الأخر عبر الأزمان...
أرزقنا يا رحمن فلك نلوذ و بك نستجير من الشيطان...
أرزقنا يا رحمن فلك العٌتبى حتى ترضي بكل رِضوان...
سيدى القائد، أنظر هناك...ضوء هناك...كان هذا هو صوت (كاتٌبغا) مخاطباٌ (هايسكى) مٌنشلاً جماعة الصيد من إنشودتهم
هايسكى: ماذا!!! أيوجد أحد هناك!!! دعونا نرى ما هناك...تحركزا جميعاً هيا ناحية الضوء
و تحركت الجماعة إستجابةُ لأمر قائدها...
هايسكى: يا ألهى!! مه هذا هناك!!!
, هناك أمام أعينهم ترأى كوخاً خشبياً قد أوقد أحدهم بجواره النار فى بضعة من أغصان الشجر،و ينعث من أعلى شعلتها خيطاً من الدخان قاصداً السماء...لكن ليس هذا فقط ما أثار حيرتهم، بل كانت هناك عشيرةً أخرى من الذئاب تحيط بذلم الكوخ يفترشون ألرض بكل أريحية و يتوسطهم ذئباً تبدو عليه ملامح القيادة, بل و تبدو في عينيه نظرة من رأى الكثير...الكثير جداً في الواقع
هايسكى: أنا الزعيم (هايسكى) ، من قائدكم؟
فبرز له ذلك الذئب الذى كان يتوسط الجماعة مجيباً إياه قائلاً: أنه أنا، أنا (أنوبيس) قائدهم
هايسكى: (أنوبيس)!!! يا له من إسم!!!ماذا تفعلون هنا!!!
أنوبيس: نحن هنا منذ بضعة أعوام
هايسكى: لمن لما لم تقم بالرد إستجابةً لعوائى!!!أليست تلك هى منطقة نفوذكم!!! أم إنكم تستدعدون للرحيل!!!
أنوبيس: لا، إنا ها هنا لجالسون إلى أت يشاء الله رب العالمين
هايسكى: لماذا!!!
أنوبيس: قد تعجز عن فهم السبب يا هذا. والأن، إن شئتم أقيموا بيننا و إن شئتم إرحلوا
هايسكى: نقيم بينكم!!! هذا لا يجوز، لكل عشيرة منطقة نفوذها الخاصةز ما بالكم يا صاح!!!
أنوبيس:إسمع يا (هايسكى)، هذه منطقة صيد جيدة، تكفينا سوياً و زيادة و نحن لن نبلرح مكاننا هذا أبداً، فإن شئتم أن تشاركونا فمرحباً بكم، لكن على شرطٍ واحد
هايسكى: مهلاً...أنا ذئباً حر بن أحرار، لم أقبل شروط أحداً يوماً و لن أقبل من أحد أن يملينى شروطه...من أي أحد. ثم ‘ن أي شرط تتحدث!!!
أنوبيس: الحماية
هايسكى: حماية!!!أي حماية!!! هل تطلب منا أن نقوم بحمايتكم!!!يئساً لكم من عشيرة
أنوبيس: إعتني بكلامك يا (هايسكى)
هايسكى: و أنت إعتنى بلغتك يا (أنوبيس)...إتكم تخالفون قانون الذئاب الأبدى
سيدى...أنظر هناك...كان هذا هو صوت (كاتُيغا) مخاطباً (هايسكى)
ألتفت (هايسكى) الى حيث أشار معاونه...و يلا عجب ما وقعت عليه عيناه...فقد شاهد رجلاً، رجلاً في منتصف العمر قادماً من هناك، يحمل أرنباً برياً عملاقاً يبدو و كأنه قد أنتهى من صيده قبل قليل يسير بمنتهى الأريحية في الغابة و كأنها بيته الذى يعرفه ة يألفه جيداً دون أى خوف...أي خوف على الإطلاق، لمن لم يكن ذلك وحده مت أثار دهشة (هايسكى) و حيرته، بل ما أثار جنونه هو كون ذلك الرجل يسير فى وسط مجموعة من الذئاب تحاوطه إحاطة السوار للمعصم و كأنهم...و كأنهم حراسه الشخصيين
هايسكى: ماهذا!!!من هذا!!! ما الذي يحدث هنا!!!
أنوبيس: أنه (أدم)
هايسكى: و من يكون (أدم) هذا!!! من يكون!!!
أنوبيس: صديق
هايسكى: صديق!!! منذ متى تتخذ الذئاب من البشر أصدقاء!! منذ متى!!!
أنوبيس: منذ بضعة أعوام، عندما جاء الى هنا من بلاد بعيدة
هايسكى: نعم، يبدو غريباً عن هنا، من أين جاء!!!
أنوبيس: قد جاء من أرضٍ بعيدة، أرضٌ شقها نهراً عظيم و أحاطت بواديها الجبال و التلال، أرضٌ إحتار الناس فى وصفها عبر الزمان، أرضٌ ذات أقاليم عريضة، أرضٌ هى مجمع الوارد و الصادر و محط رِحال الضعيف و القادر، بها ما شئت من عالِم و جاهل، و جاد و هازل، و حليم و سفيه، و وضيع و نبيل، و شريف و مسروق، و منكر و معروفز أرضٌ تموج البحار بسكانها و تكاد تضيق بهم على سِعة مكانها و إمكانها،شبابها يجد على طول العهد. أرض قهرت الأمم، و تمكنت منها الأعراب و العجمز أرضُ بها جمال يوسف و حُزن أبيه، أرض كل شىء و نقيضه
هايسكى: ماذا!!!أصرت فيلوسوفاً يا زعيم الذئاب!!!ماذا يفعل هنا فى أقصي الأرض!!!كيف تثقون به!!! إنه بشرى!!!أنت لا تعلم شيئاً عن أولائك البشر!!! لا تعلم شيئاً البتة!!! أننى أكرههم يا (أنوبيس)...أكره البشر تماماً
أنوبيس: ليسوا كلهم سيئيين يا (هايسكى) ليسوا ملهم سيئيين صدقنى
هايسكى: أنت لا تدرك ماذا أقترفت يداهم، لقد رأيت جرمهم أمام عيني
أنوبيس: مهما رميت لى، فقد عرفت من (أدم) ما لا تتخيله أبداً
هايسكى:ألهذه الدرجة!!!
أنوبيس: أننا ها هنا لحمايته و الزود عنه منذ ان عرفنا قصته
هايسكى:لكن اما قام بإختيار تلك القطعة من الأرض بالذات!!! أهى صدفة!!!
أنوبيس: لا يوجد شىئ ما فى ذلك الكون بالصدفة يا صديقي، لا شىء على الإطلاق...أبداً. لقد جاء من مدينة تدعى مدينة الذئاب في كوطنه قاصداً مدينة الذئاب هناز
هايسكى: أنت اتعنى تلك المدينة القريبة من هنا، أليس كذلك!!!
أنوبيس: بلى، إنها هى
و هنا دنى منهم (أدم) فى ثقة، و ما منع عشرة (هايسكى) من الفتك به سوى إنتصاب عشرة (أنوبيس) فى تحفز واضح من أجل الذود عن (أدم)، معلنين بكل وضوح لا يقبل الشك إتهم مستعدون للفتك بهم بل و تمزقهم إرباً إربً إذا ما فكروا حتى من الإقتراب منهز الأدهى، ان (أدم) و (أنوبيس) قد تبادلا نظرة تحية و عرفان و من ثِم توجه (أدم) بكل هدوء دون ان يبالي بإلقاء نظرة حتى على (هايسكى) و عشيرته الى كومة الحطب المشتعل و شرع غي شواء الأرنب خاصته مما زاد من صوت طقطقة الخشب المشتعل و اشدت جذوة النار أكثر فأكثر كل لحظة
هايسكى: رباااه، ماذا يحدث هنا!!!أخبرنى بالله عليك
أنوبيس: هى قصة طويلة...قصها علينا قبل بضعة سنين
هايسكى: و هل صدقتموه!!هل صدقتم ذلك البشرى!!!
أنوبيس: نعم، و ثقنا به أيضاً
هايسكى: لماذا!!!
أنوبيس : إنه الله، إنه الله يا (هايسكى)
هايسكى: لما لا يروى لنا هو قصته!!!
أنوبيس: أنه نادراً ما يتكلم، و عندما يفعل فإنه ثقوم بفتح صندوقاً أسوداً من الذكريات يحاول جاهداُ أن يتخطاها
هايسكى: كلى شوقاً إلى الإستماع
أنوبيس: إذاً أجلس...إسترخ أنت وعشرتك و أنصتوا إلي
و بدأ (انوبيس) في السرد...
******************************************************************
اللهم اغفر له و أرحمه...
أمين...
و عافه و أعف عنه...
أمين...
ما هذا الصوت!!!
اللهم أكرم نُزله و وسع مدخله...
أمين...
من هولاء!!!ماذا ىقولون!!!
اللهم أغسله بالماء و الثلج و اللبرد...
أمين...
عمَ يتحدثون!!!
اللهم نقيه من الخطايا كما تُنقى الثوب الأبيض من الدنس...
أمين...
لمن يقومون بالدعاء!!! أين أنا!!!
اللهم أبدله داراً خيراً من داره...
أمين...
أين أنا!!!
وأهلاً خيراً من أهله...
أمين...
لما لا أقوى على الحركة!!!لما!!!
و زوجاً خيراً من زوجه...
أمين...
لما أشعر بتلك الحركة!!! أشعر أنى أطير و أصطدم بأجسام صلبة بإستمرار...
اللهم ان كان محسناً فزد في حسناته...
أمين...
ما كا هذا الظلام الدامس!!!
و غن كان مسيئاً فتجاوز عن سيئاته...
أمين...
عمَ يتحدثون!!! يا ويلي!!! هل يقصدوننى أنا!!!
ويلى!!! هناك أصوات حفر تتصاعد...أصوات معاول تنبش الأرض نبشاً...رائحة غبار...رائحة الموت!!! ماذا تفعلون يا حمقى!!! ماذا تفعلون!!! أنا حى...أنا حى....حى أُرزق...
لقد أنتهى الحفر...أنزلوه بروية...
ماهذا الذى أسمعه!!! أيها الحمقى أنا حى...أنا حى...اللعنة قد إنحشرت فى حلقى الكلمات...لا أقوى على الصراخ...لا أقوى على فعل أى شىء...إن مراكز عقلي الحسية تعمل دون الحركية...
أنزلوه...
أشعر إن جسدى يميل إلى الأسفل...صوت خطوات تهبط درجاً ما، درجاً ما قاسٍ، قاسٍ جداً...خطوات تتحرك في بطء...و في ثقة...ثقةً مخيفة...مخيفة إلى أبعد الحدود..إن قلبى يخفق بقوة...لقد قاموا بكشف الغطاء من على وجهى...إن الرائحة رهيبة...رهسيبةً لا تُحتمل...
ضعوه على الأرض برفق...
أننى أشعر بسواعدهم تحملنى فتعود فتنخفض بى مجدداً...لما لا أتحرك!!!لما لا أصرخ!!!
أديروا جسده بإتجاه القبلة...
يا حمقى ماذا تفعلون!!!أخرجونى من هنا...أخرجونى من هنا فوراً...أنا حي...أنا حي..تباً، لا أستطيع أن أفغل شيئاً...هل سينتهى الأمر هكذا!!!مستحيل...مستحيل
إن أصوات خطواتهم تبتعد...إنهم يصعدون الدرج، و من الخارج تحمل الرياح أصواتهم يهتفون: إطلبوا لأخيكم الثبات فإنه الأن يُسأل...
الأصوات تخبوا شيئاُ فشيئاً إلا من صوت باباً حديدياً ثقيلةً يُغلق فى بطء...يُغلق على...الهواء قد صار مُفعماً بالغبار...قد صار تادراً...إننى أُجاهد كى أتنفس...أصوات الردم تتعالى...يا ويلى إنهم يهيلون التراب فوق ذلك الباب اللعين و لقد أصبح الظلام مُطبقاً الأن..لا أصوات...لا أحد سوالا هنا
هل لأنا ميت فعلاً!!! ما من مجيب!!!متذا بعد!!!ان قلبى يخفق فى عنف و يكاد ان يقفز من بين أضلعى, العرق يغمر جبينى و التنفس أوشك أن يكون من دروب المستحيل...
لا تستنفذ كل طاقتك...لمن لماذا!!! هل سيعود أحدهم و يحررك!! ربما...بل حتماً سيأتى أحدٌ ما..لكن ماذا لو لم يأنى أحداً!!! أتلك هى النهاية!!! و أي نهاية!!!
ماهذا الصوت!!! يبدو كصوت حجراً ضخماً ينزلق فوق حجراً أخر!!! هل قد جاء أحدهم لإنقاذى أخيراً!!! مرحى...لكن...لكن ذلك الصوت ليس كصوت ذلك الباب المعدنى على الإطلاق...إنه يختلف تماماً عنه....حسناً فلازلت قادراً على تمييز الأصوات على الأقل
هناك ضوءً ما بدأ يغمر المكان...ضوءً ليس محبباً للنفس على الإطلاق...ضوءٌ أحمر ساطع يُعمى الأبصار، ترافقه حرارة رهيبة...ما هذا إنى أكاد أنصهر...هناك...هناك شيءً ما يبدو كظل عملاق يتحرك هناك...يتحرك ببطىء.. حسناً إن الرؤية تتضح شيئاً فشيئاُ... أعتقد أننى أصبحت قادراً على الرؤية بشكل جيداً الأن.....ما هذا الكابوس!! ليتنى لم أعد أقوى على الرؤية مرة أخرى
كان هناك...ذلك المخلوق، يُنازه الثلاثة أمتار، ذو رأساً مثلث الشكل تشقها ثلاثة أعين نارية طولاً، بلا فم و تتلوى فوق رأسه زوائد حُرشفية تصدر أصواتاً مرعبة تنخلع لها أعتى القلوب...أذرعه طويلة تلامس الأرض و جسده كجسد العنكبوت، كثير الأقدام... ما هذا المخلوق!!! ماذا سوف يفعل بى!!!قلبى لا يحتمل...سوف ينفجر...سوف تخرج الدماء من فمى من شدة الرعب...
إنه يتحرك صوبى...ماذا سوف يفغل بى!!! إن ضغط يرتفع بشدة داخا أُذنى...لما لا أموت و أرتاح!!! لما!!! أم أننى ميتٌ فغلاً!!!
لقد...اقد إجتازنى...نعم لقد إجتازنى...أراه هناك يتحرك صوب جثة أخرى...ماذا يفعل!!! إنه يقترب منها ...يميل رأسه نحوها يتشممها...ثم صرخ...صرخ صرخاً بكى لها الوجه الأخر للقمر...صرخة أرعبت الحيتان فى عمق المحيط...صرخةً قادرة على قتل الأمل فى أى إنسان بل فى كل البشر...صرخة تبدو و كأنها صراخ ألف ألف شيطان يتعذبون و يستغثون من قلب الجحيم...من قلب الجحيم...ثم قام برفع ذراعيه عالياً و إنهال على تلك الجثة التعيسة يمزقها إرباً إرباً بكل وحشية....ما هذا الجحيم!!! ماهذا الجحيم!!!
إنه...أنه يلتفت إلى هذه المرة، سوف يقوم بتمزيقي إرباً إرباً بالتأكيد...يا لها من نهاية...اههههه يا لها من مينة بشعة...إنه ىقترب...يقترب فى بطىء ...يقترب فى ثقة...نعم، فأين الملاذ!!! أين المفر!!! لا مجال للخلاص هذه المرة، على الأقل سةف تنتهى معاناتى...لكن...
قد تخطانى مرة أخرى...نعم مرو أخرى و أراه يتجه صوب جثة ليتشممها أيضاً و يصرخ صرخاً لا تقل بشاعةً عن سابقتها.....لم لا يسمع أحداً ما تلك الصرخات اللعينة و يأتى لإنقاذى!!!لما!!! لابد إنه سوف يفعل بتلك الجثة كسابقتها...سوف أشهد مذبحة جديدة تقتلنى رعباً للمرة ال...قد نسيت كم مرة قثتلت فيها رعباً..
.لكنه ...لكنه لم يقم بتمزيق الجثة...هل سوف يتركها!!! كلا...لقد أمسك به بعنف و غرز بها مخالبه المرعبة و ألقاها هناك...من حيث خرج من ذلك الباب الحجرى...الباب المؤدى إلى الجحيم...و من ثم إختقت الجثة ...تلاشت و ارتفع بعدها لساناً من اللهب من ذلك الباب أحال الحرارة داخل المكان إلى جحيم حرفى أكاد أذوب من شدته...
لكن، ليس هذا فقط ما يثير رعبى الأن...إته يتجه إلى...و لم تعد توجد جثث أخرى هنا فى هذا الجحيم..لقد قتلنى ألف مرة رُعباً و ألأن قد حانت النهاية...لابُد إته يدخر لى طريقة موتٍ أُخري شنيعة...عزائى الوحيد إننى لن أشعر بشىء..هكذا أُظن...
أو هكذا ظننت حتى...حتى...بدأ صوت تلك الخطوات يتعالى داخل المكان...خطوات ثقيلة...خطوات تبدو و كأنها تعرف ذلك المكان...تعرفه جيداً عن ظهر قلب..هل قد أتوا من أجل إنقاذى أخيراً!! هل سيمنع ذلك هذا الكائن من الفتك بى!!! سوف يفتك بنا جميعاَ بكل تأكيد...
لكن...ما هذا!!!إن ذلك المخلوق يبدو منزعجاً...منزعجاً جداً فى الواقع..لا يبدو غاضباَ أبداً...بل يبدو خائفاً...يبدو مرتعباً...أنا لا أدرى كيف يبدو مخلوقاً كهذا عندما يكن مرتعباً لكننى أشعر بذلك...أشعر به تماماً، بل إن رعبه يزداد مع إقتراب صوت تلك الخطوات اللعينة...اللعنة ما الذى يخيف مخلوقاً كهذا...لاشك إنه الرُعب ذاته...
إن تلك الخطوات تقترب أكثر فأكثر و خوف ذلك المخلوق يزداد بطريقةٍ جنونية و صراخه يعلوو يعلو بشكل مُخيف...رأسي سينفجر من شدة الصراخ...إنه يهرب...يقفز داخل تلم الفتحة التى جاء منها...فتحة الجحيم.. و من ثم يغلق ذلك الباب الحجري خلفه في عنف...أنت..أنت..إرجع...لا تتركنى وحدى هنا مع مع من هو قادم...إفعلها أنت أرجوك...إفعلها أنت فأنا لا أريد مجابهة من هو قادم...قلتها فى نقسي في الواقع لأنه قد تلاشى بتافعل و تركنى وحيداً أواجه ما يخيفه...ما يرعبه...يا ويلى...أنا الأن مقبل على مواجهة ما أرعب ذلك الكائن...ذلك المسخ...
توقفت الخطوات...هناك شيئاً ما يلمس جسدى المُنهك...إن عيناى سوف تخرجان من محجريهما من فرط الرعب...لكن...لكنها كانت يدً بشرية..أجل كانت يدٍ بشرية تقوم بتحرير وثاقى...أنا أتحرر...معم أما أتحرر...أنا سعيد حقاً فلقد إنتهى الكابوس...إنتهى الكابوس، فلكل شىء نهاية..لكن لحظة أى إنسانً هذا القادر على إرعاب مخلوق كهذا!!!!
يا ويلى...حسنا سأغرف الأن فلقد تحررت نهائياً و هناك ضوء خافت قد بدأ يصدر من مكان ما حولى...فلأرى من أو ما هذا...إنه...إته رجلأ...نعمن إنه رجل...إنه إنسان طويل القامة، قوى البُنيان يرتدى جُلباباً أسود اللون...و قد حررنى، هل هو حارس المقبرة!!! لكن المسوخ لا تخاف حراس المقابر على حد علمى...لكن لا يهم لقد نجوت...لقد نجوت
من...من أنت!!! أشكرك كثيراً عل إنقاذى، أنا مديناً لك بحياتى
قُم يا بن أدم...قُم...إنهض...أخرج...و لأشار بيده نحو الباب الذى فُتح بقوة و كأنما قلم ذلك الرجل بتوجيه ألف صاعقة إليه قامت بإنتزاعه هو و كل ما تم ردمه من التراب فوقه فى لاشىء من الزمان و وجدتنى مُلقى على الأرض هناك...نعم صرت أخيراً هناك فى الخارج...فى الهواء الطلق...أرى الشمس فى رحلتها اليومية نحو المغيب و كأنها قد عانت يوماً مُرهقاً مثلى تماماً...أننى مرهق..لكننى حى..لقد إنتهى الكابوس...لقد إنتهى أخيراً...
لم تهتز الأرض هكذا!!! لما تهتز!!!أهو زلزال!!! هناك بخار كثيف يخرج من باطن الأرض...إن...إن أبواب المقابر تُفتح كلها فى عنف...إن الجثث تتطاير في كل مكان حولى و كأن من يقوم بقذفها بكل قوة و بكل حقد من باطن الأرض إلى سطحها...ثمة جثث طازجة و أخرى مُتحللة...هياكل عظمية...أكفان بالية...و كلها تتاسقط حولى..أرى الموت بألف صورة...ماهذا الجحيم...ما هذا الجحيم...
أنهض...تحرك...إطلق ساقيك للريح...قلتها لنفسى و أنا أجرى...لكن إلى أين...إلى أين المفر!!! ماهذا أيضاً!!!إن الجثث تتحرك!!!نعم تتحرك....لكن ليست كحركات الزومبى البطيئة و التى تشبه حركات السكارى...بل حركة سريعة و كأنها لاتزال حية...يا للرعب ...جثث متحللة و تتحرك و كأنها في حالة حياة طبيعية...إننى أُميز ذلك الوجه..أعرف ذلك، لكننى عاجز عن تذكر أسمائهم, لا أدرى من هم لكننى أعرفهم, أننى حتى لا أدرى من أكون!!!هل يقوم بمطاردتى!!
لن أنتظر لأعرف سأهرب إلى أى مكان..إلى أى مكان...مهلاً هناك أضواء هناك أسفل تلك الهضبة اللعينة التى تعتليها تلك المقابر، لابد إتها بلدة ما لابُد. ها أنا ذا أطلق ساقاى للرياح و أجرى و كأن شياطين الجحيم تطاردنى، و لماذا أقوم بإستعمال كلمة (كأن) يا لها من فلسلفة سوداء..فلسفة الرعب...فلسفة الجحيم
إننى أقترب من تلك القرية الصغيرة...و هم من خلفى...إن أصوات الصراخ تتعالى...تتعالى بشدة أتية من تلك القرية ولا ألومهم البتة، فقط تخيل إنك من سكان تلك الفرية و تسمع أصوات إنفجارات أتية من جهة المقابر يصاحبها بخار يخرج من باطن الأرض و التى بدورها تهتز بشكل عنيف ثم ترى جثث متحركة تجرى بالألاف هابطةً تلك التلة المٌطلة على القرية وقت الغروب!!! لا ألومهم على رعبعم و صراخهم!! لا ألومهم البتة!! لكن ما هذا أيضا!!!
أننى لأرى رجالاً كثيرة منهم تتقدم ناحيتنا...شاهرين أسلحة نارية...العديد بل المئات بل الألاف منها و يقومون بتوجيهها ناحيتنا...مهلاً أيها الحمقى...لا تضغطوا ألزناد,,,لا تضغطوا الزناد...لما يُصر الجميع على إنهاء حياتى اليوم...لا تضغطوا الزناد رجائاً...أما من رحمة....و بدأ إطلاق النار و بمنتهى العنف
أه ه ه ه ه ه ه
أين أنا!!!هل كان حلماً!!! و أي حلم، اشعر و كأن عظامى قد تم سحقها سحقاً، جسدى يأن، عقلى يصرخ يطلب الرحمة فلقد تم تحميل خلاياه بذكريات حقاً مرعبة تئن من حفظها مراكز ذاكرته، لما كل هذا العرق المُحتشد على جبهتى بالرغم من برودة الهواء من حولى و العديد من الأعطية تتعلى جسدى!!! إنهعرقٌ غزيرُ بارد يغمر ملابسى و أغطية الفراش من تحتى مما يزيد من برودة أوصلاى المتجمدة من الأساس
أنا فى غرفة مؤسسة بشكل جيد...جيد جداّ في الواقع عدا من بضعة ملابس مُبعثرة هناك كاشفة عن إهمال من يسكن ذلك المكان و عدم إكتراثه بالنظام...إنها ملابس أنثى...تُرى من تكون!!! و هل أنا متزوج!!! لكن، من أنا أصلاً...لازلت لا أذكر شيئاً عن نفسى...لا اذكر شيئاُ البتة...حقاً من أنا و ماذا أفعل هنا!!! ألا يوجد من يجيبنى في ذلك المكان أيضاً!!! هناك خطوات تقترب من ذلك الباب المغلق علي اليسار...أخيراً سيأتى أحدهم و ...و ماذا!!! لا أدرى!!!لكننى نجوت , انتهى الكابوس و الأن سوف يفتح أحدهم ذلك الباب و سوف يخبرنى ما حدث، سوف يخبرنى أين أنا بل و من أنا. أتكون هي صاحية تلك الملابس!!! لا يهم
حسناً، إن مقبض الباب يتحرك صوب ألاسفل فى بطء...هيا هيا...هلم..أفتح الباب أى كنت رجائاً..نعم إنه يتحرك..يتحرك...مرحى لقد وصل إالى النهاية...الأان سوف أرى لأحداً طبيعياً مثلى أو هكذا أرجو...لكن مهلاً لا شىء يحدث...لا شىء يحدث البتة..فلقد رجع المقبض الى وضعه الأول مرة أخري و لم يفتح الباب...ما هذا...ما تلك الرائحة التى تتسلل إلى أنفى من يمينى!!!
إنها ليست غريبو على فلقد شممتها قبلاً، نعم إنها رائحة عميقة...قديمة...كريهة...ليست كريهة بالمعنى المفهوم لكنها مخيفة...حقاً رتئحة مخيفة جداً...لكن أين و متى شممتها من قبل!!! أين!!!أين!!! نعم، تذكرت الأان..قد شممتها فى ذلك القبر..أمس..في حلمى...هل كان ذلك حلم!!!
و فجأة...رأيته هناك...ظهر من العدم...ذلك المخلوق...ذلك المخلوق الذى رأيته أمس...فى القبر...فى الحلم...يرمقنى بنظرة و أى نظرة...نظرةً كفيلةً بإيقاف دوران الأرض من شدة الرعب بل أكاد أسمع صوت سقوط دموع البدر و هى تساتقط فوقى من شدة حزنه على..عاى ما سوف يؤل إليه حالى بين لحظة و أخرى
لم لا أصرخ!!!لأننى ببساطة لا أستطيع!!! قد توقفت كل وظائف جسدى عدا التنفس و الرؤية ...و الإحساس بالرعب و الفزع....هيا...تعال...إقدم على ما أنت مُقبل عليه...قم بتمزيقى إرباً حتى ينتهى ذلك كله...قلتها لنفسى فى الواقع حيث ات تلك الكلمات لم تغادر حتى ذهنى من الأساس...مهلاً...هنام إثنتين من عيونه الثلاث تتحرك فى بطىء مرعب...ليست كحركة أعيننا، بل تتحرك كرات عينيه ذاتها و كأنهما تتطفوان على سطح هلامى رخو بإتجاه الباب, بينما عيبه الثالثة لا تزال مثيتةً علىن تكاد تخترق جسدى...
مقبض الباب...مقبض الباب بدأ فى التحرك من جديد صوب ألأسفل فى بطىء.....أه ه ه ه ه ه ما هذا الصوت!!!إن ذلك المسخ يصرخ صراخاً يمزق أحشائى...أرى عيونه الثلاثة تتسع فى رعب حقيقى و من ثمة صرخ في مستنجداً: خبأنى أرجوك إنه قادم!!! تباً...يا لك من مسخ جبان!!! أكلهم يخيفوك و أنت ترعبنى كل ذلك الوقت!!! تستحقها يا هذا!!! تستحقها عن جدارة!!!
لكن ما يخيف مسخاً كهذا و هو قادم إلى!!!إلى أنا!!! يا ويلى !!! متى ينتعى ذلك كله!!!متى!!! الباب...الباب قد أُنتزع من مكانه بقوة ...بقوة غاشمة أزالت معه إطاره الخشبى المُثبت إلى الجدار بمسامير فولاذية بل و لقد أُنتُزع جزءاً من الحائط ذاته و أُلقى الباب في الهواء بعنف ليستقر على الحائط المقابل قبل أن يقوم بسحق مقعدين كانا يعترضا طريقه و من ثم يصدر ضجيجاً يثم الأذان
غبار...الكثير من الغبار يغمر المكان...صراخ...صراخ و عويل...إن ذلك المسخ يبكى و يولول كالأطفال...و أنا عاجز...عاجز عن فغل أي شىء سوا الرعب...قلبى يدق بعنف...صدري يعلو و يهبط بإصرار...عيناى تتحرك في رعب ما بين ذلك المسخ (المسكين) و ما بين الباب مترقباً دخول الرعب ذاته...أنا سوف أمووووو...
, أظلم كل شيء مرة أخرى
هذا أنا مرة أخرى، إنها نفس ذات الغرفة، لكنها تختلف تلك المرة، أشتم رائحةً عطرة أو بالأحرى رائحة صابوناً سائلة من ذلك الذى يُستخدم لغرض التنظيف، الكثير منه في الواقع، لا بد ان أحدهم قد قام بتنظيف تلك الغرفة مؤخراً...هناك نافذةً نصف مفتوحة على جهتى اليسرى تسمح لتيارٍ باردةً من الهواء بالتسلل إالى دهخل الغرفة الى حيث أرقد هنا تحت الأغطية... أشتم رائحة الخريف، ذلك الفصل الكئيب بأوراق أشجاره الصفراء المتساقطة و التى تفترش الشارع و من ثم تهب نسمات الريح فتبعثرها هنا و هناك...
إنه ذلك القصل الذي يُعلن وقاة الصيف بنشاطه و حركته و أسفاره، نعم فالصيف مُرتبط فى ذهنى دوماً بيومه الطويل، بلياليه الجميلة، بشاطىء البحر ...بالسعادة، لمن لا بأس فأنا على الأقل أستنشق هواءً نقياً الأن و هذا يكفى...بل إن هذا رائع...هو حقاً رائع.... المدهش إن جسدي لايزال قطعةً واحدة لم يمزقه ذاك المسخ حتى الأن...أين هو يا ترى!!! أين ذلك المسخ المُرتعب دوماُ!!! صرت أُدهش عندما أفتح عيناى و أري أحد المسوخ بجاورى و من ثم يأتى ما يخيفه و يجعله يفر كالدجاجةً المذعورة ها ها ها ها... فقط توقف عن ذكره حتى لا يحضر مرة أخرى
لكن...لما لا أقوى على الحركة!!! غريب هذا!!!هل أنا قعيد!!! لا داعى للتشاؤم، فقد نجوت للتو من الأسواء، نعم الأسواء قد مر بالفغل أو هكذا آمل
لا توجد مسوخ هنا، و الباب مفتوحٌ أيضاً و يتسرب من خلاله ضوءٌ مريح للنفس يصاحبه صوت يبدو و كأنه صوت تلفاز، هذا حسن، فهذا يدل على أنه يعيش أحداً ما هنا و هو يشاهد التلفاز أيضاً، يا له من لإستنتاج رائع....حقاُ أحياناً تُدهشنى عبقرتى....لكم أنا رائع
لكن!!!!من أنا!!! لازلت لا أدري أى شىء..أى شىء...أنا فقد أقوم بالإحساس بالرعب و الإستنتاج فقط منذ فترة، هل لى ببعض التغيير!!!
نعم يا أبى، لقد قمت بفعل المطلوب و زيادة... قفزت تلك العبارة إلى أذنى, هذخ المرو إلى أذنى لا إلى ذهنىن فهناك من يتحدث في الخارج و صوته يصل إلى بكل وضوح و كأمه يتحدث في أذنى مباشرةً، أو بالأحرى هى، فقد كان ذلك صوت أنثى
و هل قمتِ بوضع رائحة اللحم الفاسد له كما طلبت منك يا عزيزتى!!! مهلاً، هذا صوت آخر، صوت آخر يحادثها عبر الهاتف، نعم عبر الهاتف، أنا أعرف ذلك لكنى لا أراه، بل أنا على يقينٍ تماماً، لكن لم أعلم ذلك!!! لا أدرى!!!لمنى ببساطة أعلمه...شيئاً ما بداخلى يخبرنى بذلك...إننى على حق...لأول مرة منذ فترة طويلة أشعر بشىء حقيقيى حتى و لو كان خارجاً عن نطاق العقل...لكنه حقيقي...نعم هو حقيقي
نعم يا أبى، قد وضعت له رائحة اللحم الفاسد فى دورة المياه، سوف يٌجن جنونه قريباً...قريباً جداً لا تقلق أبداً...كان هذا هو صوتها
و أين هو الأن!! ها هو يقوم بسؤلها مجدداً
إنه نائم كالحجر، و هو يمشى على المُخطط بكل عناية، دون أن يدرى أو يلاحظ شيئاً ، كان ذلم ردها
على بركة الله، سوف نصل إلى مُبتاغانا قريباً جداً، سوف نحطمه و ننهى مستقبله و يؤل كل ما يملكه ملكاً، فقط طالعيني بالأخبار أولاً يأول...أحبك...ليلة سعيدة
ليلة سعيدة يا أبى...أحبك...بلغ تحياتى لأمى الحبيبة، إنها ترد موةً أخرى
أنا هنا يا حبيبتى، سعيدة بك لأنك بارًة بوالديك تنفذين رغباتهم...إنها صلة الرحم يا عزيزتى، و تذكرى دوماً إن ما بين اللاجل و زوجنه...ورقة...مجرد ورقة...إن قُطعت إنتهى كل شىء و لا يبقى لها سوى أمها و أباها تطعهما بلا نقاش...إنها صلة الرحم يا حبيبتى..إن أباكى يٌنفذ ما أخبره إياه دون نقاش لكن بطرقته الخاصة، فلنر ماذا سفيعل ذلك (الأدم) الذل يرفض الإنصياع لنا و يدعى إت له شخصيةً مستقلة...سنرى... تصبحين على ألف خيريا حبيبتى
تصبيحين على ألف خير يا أمى الحبيبة...أحبك
عليكم اللعنة جميعاً أنتِ و أمك و أباكِ...هل تتحدثون عنى!!! عنى أنا!! إنهض يا رجل...إنهض...إفعل أى شىء...دافع عن نفسك...عن حياتك...عن كيانك...اللعنة...مازلت مُكبلاً...لكن من أنا!!! و من هم هؤلاء!!! هل هي زوجتى!!! هل تتآمر مع أهلها على!!! لماذا!!! لماذا!!! أمن أجل المال!!! لا لا هذا كابوس آخر بكل تأكيد!!!نعمن إنه كذلك!!!أفضل ان أكن مجنوناً على أن أسمع هذا الهراء....أين ذلك المسخ!!!أين هو!!! لا أجده عندما أحتاجه
أمى، هل سيذهب!!! كان هذا هو صوت فتاة...فتاة صغيرة
نعم، سيذهب إلى الأبدن غلى الجحيم و لن نراه مرة أخرى...كان هذا هو صوت السيدة مُجيباً سؤال الفتاة...و يالها من إجابة
هل هو سىء إال تلك الدرجة!!! هذا كان صوت طفلاً أخر، إذاً هم طفلان و سيدة..لكن هل هناك أخرون!!!
نعم، سىء جداً و سوف نستريح منه إلى الأبد هو و أهله الأشرار..كانت تلك هى إجابتها
عاد صون الطفلين يتردد معاً: أمى هل نستطيع أن نراه للمرة الأخيرة!!!نريد أن نقبله للمرة الأخيرة...أرجوكى
حسناً، لمن أسرعوا قبل أن يأتوا كى يأخذوه
ماذا!!!من هولاء الذين آتون كي يأخذوننى!!! و إلى أين!!! لا أحسب إالى السينما مثلاً مادامت ستكون الرؤية للمرة الأخيرة!!!لكن لم كل ذلك!!! ماذا إقترفت يداى!!! هناك أسرة بأكماها تتآمر على!!! أل كابوس مرعب مخيف هذا!!! أين ذلك المسخ!!!أين هو!!!
أسمع صوت خطوات تقترب من الباب، خطوات بريئة ناعمة تبدو و كأنها صةت خطوات الطفليين الأتيين من أجل رؤيتى ة تقبيلى للمرو الأخيرة، ربما تحن الفرصة و أستطيع التحدث إاليهم....لمن لم يخبو ذهنى!!!إن عيناى تُغلقان بالرغم عنى ...بالرغم عنى
أننى أستشعرهم...جمال...لطفاء...حانينين...طفلين جميلين كالملائكة بقتربا منى فى هدوء و يلثمان جبينى في حنان و أنا أراهم و كأننى أُحلق فى سماء الحجرة و هم يتظرون إلى فى حنان قبا أت يهما بالمغادرة...إنتظرا...إنتظرا أرجوكما...أنتما الشىء الجميل الوحيد فى ذلك الكابوس الذى لا يريد أن ينتهى, لا تذهبا...لا تذهبا...أرجوكما لا تذهبا...لكنهما قد ذهبا سريعاً...سريعاً جداً...كأى شىء جميل فى هذه الحياة
و الأن أنا أستعيد ذلك الوعى الجزئى مرة أخرى، إدراك دون حراك، ثمة صوتاً ما آتٍ عبر النافذة، صوت بناح، نباح كلاب ضالة، الكثير منهم فى الواقع...إنه يزداد...يعلو...يكاد يصم الأذان...الا توجد شىءو أى شىء يصدر أصواتاً فى ذلك الشارع غير تلك الكلاب السوداء الضخمة البغيضة الشكل و التى تتطلع نحو نافذتى قاصدةً الفتك بى هى الأخرى!!!لما كل شىء ضدى!!! ربما تحاول تلك الكاب تنبيهى من شىء ما مريع تراها هى و أنا غير قادر على رؤيتها حتى تلك اللحظة!!!!ربما...
أننى ,,أننى أشعر ان السرير يقوم بإبتلاعى...أشعر بأننى أغرق في بحرٍ من الرمال المتحركة...أننى أغوص ببطىء...ببطىء شديد...أغوص...صوت نباح الكلاب...الظلام...جواسى تخبو من جديد...النباح...الظلام... النباح...الظلام...الكلاب... و أظلم كل شىء من جديد
أدم، قُم يا أدمن إنهض...إنهض بالله عليك
ماذا!!!أنت تقصدنى أنا!!!
نعم يا أدم, قُم...كفاك نوماً...إنهض يا أدم ..أنهض يا رجل
لا أستطيع
بل تستطيع
و لماذا!!!
أنهض بالله عليك ...إنهض
لما أنهض!!! من أجل كابوساً آخر!!! كفانى
إنهض يا أدم...كاد ليلك أن ينتهى يا أدم...كاد ليلك أن ينتهى...حتماً سينتهى...يا أدم...كل آت قريب...كل آت قريب يا أدم، لمن قُم بالله عليك...قُم يا أدم ...أنهض و ساعدنى...ساعدنى كى أستطيع مساعدتك...كى يُفك أسر روحك
ماذا تعنى!!! أخبرنى
نومك و عزلتك و حزنك و همك و كوابيسك...كل ذلك ليس محض صدفة...طُلٌ مُدبر يا أدم..لا تستسلم...أتعلم إن نومك و هروبك يزيد الأمر سوء....قُم...ساعدنى أن أساعدك كى تُنقذ نفسك و تطلق سراح روحك الحبيسة...روحك الجريحة المُعذبة...قُم بالله عليك...قُم يا أدم
أتعنى!!!
فقط أنهض، قُم بكسر تلك السلاسل الشيطانية التى كبلوك بها...أتخذ الخطوة الأولى فى سبيل الخلاص و عندها سيتضح لك كل شىء...أعدك ستفهم كل شىء يا أدم...كل شىء..لكن أنهض بالله عليك يا أدم
لكن، من أنت!!! أننى أسمعك فقط دون أن أراك....من أنت!!! أخبرنى رجائأ
ألا تذكرنى يا أدم!!! نسيتنى ، نسيتنى بالتأكيد يا أدم
يبدو صوتك مألوفاً، أشعر و كأننى قد سمعته يوماً ما قبلاً لكنى لا أذكر...حفاً ات أذكر
جئتك قبل أعوام عديدة يا أدم، جئتك قبل عقدً من الزمان، قبل أربعة عشر علماً يا أدم، أخبرتك إن خلاصك هناك...هناك بعيداً...فى الشرق يا أدم...فى الشرق...فى أقصى الأرض...قثم..أنهض يا أدم...فقط أنهض و سوف ينتهى كابوسك و إلى الأبد...أعدك يا أدم..أعدك
أنه ضوء النهار..أخيراً ضوء النهار، نفس الحجرة لكن نهاراً، أنا لم أرى ضوء الشمس منذ فترة طويلة، لكن!!! هل مازلت أحلم!!! هل...هل أستطيع الحركة!!! حسناً، فالأجرب...رائع أننى أستطيع...لقد أنتهى...أكان حلماً!!! لا أعرف...حقاً لا أعرف، لكن بالغم من ذلك الصداع الأبدى الذى ظلَ يراقفنى لسنوت و لا أدرى لماذا، لإاننى الأن واعٍ و أتحرك بالرغم من كل ما حدث
ويلك يا لأدم!!! هل هذه هى أحلامك و طموحاتك فى الوقت الراهن!!!أن تعيش...أن تحيي !!! و أنت الذى كنت تطمح و تخطط كى تملك العالم!! من سرق حلمك يا أدم!!! من قهر روحك!!! من قام بسجنك داخل نفسك!!! من الذى قطف فرحتك و إغتصب فرحة عمرك يا أدم!!!
صباح الخير يا أدم
صباح الخير يا غادة
لما أنت مستقيظ فى وقت باكر هكذا!!! إالى أين الذهاب...إن لك لأمور عجيبة مؤخراً
أى أمور عجيبة التى تتدحثين عنها!!! عندما أستيقظ فو وقت باكرتفولين أننى أتصرف بشكل غريب، نفس الشىء عندما أستيقظ متأخراً، بل أن كل تصرفانى قد صارت مجالاً لا ينتهى من النقد , النقد المتواصل، كل شىء و عكسه مرفوض مٌنتقد من قِبلك....لما ترديدن إن تُشعيرينى بالحيرة دوماً!!!لمَ!!! أخبرينى ماذا يدور فى رأسك
لا شى!! لا تشفل بالك
أين الأطفال!
قد ذهبوا عند أمى في الصباح الباكر
دوماً هكذا...حسناً، هل قاموا بتقبيلى ليلاً قبل أن يذهبوا إالى النوم!!!
كيف عرفت!! أعنى أنهم يفعلون ذلك أحياناً.. لمَ تسأل!!!
لاشىء..سوف أذهب كى أغتسل فى دورة المياه
إتجه (أدم) صوب دورة المياه و وقف أمام المرآة يتأمل وجهه...ما هذا!!! ماهذا الذى على شعرى و جبهتى!!! أنه غبار!!! من أين جاء ذلك الغبار!!!ليس كالغبار المعتاد الذى تجده فى المنازل، له رائحة غريبة قديمة تُزكم الأنوف...أين شممت تلك الرائحة قبلاً بل كيف وصل إاى أصلاً!! تُرى هل يكون...لا لا يا أدم لا تصدق كل ما تحلم به
لكن...ثمة رائحة غريبةٌ أخرى...هل تنبعث من ذلك المطعم المجاور كالعادة!!! هل يقومون بالشواء في تلك الساعة المبكرة!!! لا أستوعب أن يستقيظ أحدهم صباحاً و يشرع فى تناول اللحم، عجيب هو أمر الناس!! لكن لا بد ان هولاء الزبائن المتعطشين لتناول اللحم المشوى صباجاً سوف يتقدمون بالشكوى إلى جهة ما بسبب سوء جودة اللحوم المقدمة من قِبل ذلك المطعم...إن رائحته كريهة للغاية...حقا كريهة...تبدو و لو كانت مثل ..مثل رائحة...يا ويلى...تبدو كرائحة اللحم الفاسد...غريب هذا...ما أكثر المصادفات هذا الصباح!!! حسنا فلأخرج من هنا
أدم, لم تُبدل ملابسك!!! لا زال الوقت مبكراً من أجل الذهاب إلى العمل
تستطعين القول إننى ذاهب كى أشتم هواءاً نقياً
هل تناولت الدواء!! لا تنس
أى دواء!! لست فى حاجة إلى أى أدوية...أنا بخير
الدواء الذى وصفه إياك والديَ يا أدم، الذى وصفه إياك كليهما
ذلم الدواء الذى أتناوله لسنوات دون طائل، أننى حتى أشعر بأشياء جد غريبة عللا إثر تناوله...صدقينى أنا لست مريضاً بأى شىء...فقط أتركونى في حالى...فقد أُصبت بالإكتئاب التفاعلى من...من عدة أشياء، عدا ذلك أنا بخير
كلا، لست كذلك، و سوف تتناول الدواء
لم أتنامله أبداً بعد الأن...أبداً
أدم، أنت تريد الإنتقام من أبى أليس كذلك!!! أنا أعرف هذا جيداً
ماذا تقولين!!! انك تهذين حتماً
مُت يا أدم...مُت...إذهب إلى الجحيم..إن أبى مريض و أنت بصحتك، هكذا يموت الصالحين و يحيي أمثاللك..مُت يا أدم...مُت
ماذا تقولين يا غادة!!! هل جُننتى!!!ماذا حل بكِ!!! لمَ كل هذا الشر!!! لأنا لم أعد أعرفك، بل صرت أحياناً أخافك فعلاً!!! سوف أذهب الأن و لنا حديث عندما أعود
و خرج (أدم) إلى الشارع تائهاً لا يعلم أين يذهب أو حتى ماذا يفعل
أين سيارتى!! لا ليس لى قدرة على القيادة...تاكسى
إلى أين!!
لا أعلم
ماذا!!
قُد فحسب إذهب إاى أى مكان...هاك هذا أضعاف أجرك فقط تحرك حتى أخبرك عن وجهتى و عندما نصل سأعطيك ما تريد
أخذ السائق المال و لسان حاله يقول، يا له من مخبول آخر، لكن لا بأس مادام سوف يدفع، فلقد أنسى المال السائق أن يسأل حتى عن هدفه، قالها أدم لنفسه، أننى أرى الأن المثل الأمريكى القائل:
) Money talks and all shit walks(
بمعنى أنه إذا تحدث المال فكل ما دون ذلك هُراء، أنا على يقين من أن هذا السائق لم يسمع يوماً بهذا المثل و لكنه يقوم بتطبيقه على الأرض الواقع حالياً، لكنى لا ألومه..لا ألومه البتة...فأنا أعرف غيه الكثير ممن يطبقونه حرفياً بل و بكل إحترافية...إحترافية شديدة...شديدة جداً
إننا نجول بلا هدف لأكثر من نصف الساعة
حسناً، عُد بى إلى حيث وجدتنى
نزل أدم عن السيارة و من ثم توجه صوب مدخل البناية التى يقطن بها..إن ذلك المصعد مُعطل كالعادة، فى الصيف يقولون أنهم قاموا بفصل الكهرباء عنه لأنه ساخن من حرارة الطقس بينما شتاءاً هو لا يعمل بسبب البرودة، إنهم يتعاملون معه و كإنه طفلاً مدلالاً و يبقى فقط أن يقوموا بتطعيمه ضد مرض الحصبة أما بالنسبة للسكان فتباً لهم...هذا هو الحال دوماً...جسناً فلنقم ببمارسة بعض الرياضة..رياضة تسلق الأدوار العالية هذه المرة
ليس الأمر سيئاً لهذه الدرجة فصعود الدرج أحياناً يكن فرصة كى تقوم بعدة مناسبات إجتماعية عديدة قد حرمنا إياها المصعد، ترى فلاناً و تسلم على آخر من جيرانك الذى تراهم فقط يوم يتعطل المصعد، لا يوجد شىء سىء تماماً يا أدم...أين وصلت!!! حسناً باقى بضعة طوابق فقط، أرجو أن لا أقابل فى رحلتى هذا جارى الذى يدعونا كل نصف ساعة للإجتماع من أجل مناقشة المشاكل التى تواجه البناية و تعرضها للخطر، مثل مشكلة سد الصين العظيم و ما يجتجزه من كميةً مهولةً من المياه خلفه مما تسبب فى تأخير سرعة دوران الأرض بمعدل واحد من خمس و ستيت الف مليار من الفيمتوثانية لكل سبعة قرون وتأثير ذلك الحدث العظيم على العمر الإفتراضى للبناية، لا وقت لهذا الشخص الأن على الإطلاق...فلدى مسوخ أستعد للقائها و ليس عندى وقت اتلك التفاهات الخاصة بسرعة دوران الأرض فى الوقت الحالى...ها قد وصلت أخيراً
و الأن...انه الباب...لا لن أضغط الجرس...ها هو المفتاح...الباب يُفتح و ها أنا بالداخل...كل شىء هادىْ...كل شىء طبيعى...المكان يغمره السكون...غرفة المكتب...هناك شيئاً ما داخلى يدثنى أن توجه إاى هناك...الباب مفتوح...حسناً فلأرى ماذا يحدث هنا... لمن ما رآه أدم جعل الكلامات تجتبس داخل جوفه..لأن ما شاهده كان مخيفاً...رهيباً...مُفزعاً بحق
إنها غادة...غادة زوجته، يرى إنعكاس صورتها عبر مرآة عملاقة تتوسط الغرفة ما بين موضعها و باب الحجرة الذى ينظر من خلاله، كانت تجلس أمام المكتب و تطيح برأسها إلى الوراء بزاوية مستحيلة لأى جسد حى كما إن عيناها كانتا جاحظتين بشكل مخيف...كلا إتها ليست ميتة كما ظن من الوهلة الأولى...إن يداها تتحرك...تتحرك بخفة و كأن لها أعين خاصةً بها كى تقوم بفتح علبة أنيقة موضوعة علي سطح المكتب و الذى يرقد بجاوها وعاء زجاجى كالذى يقوم طلبة الطب يإستخدامه من أجل حفظ العينات البشرية
إنها تقوم بفتح تلك العلبة...ماذا هناك!!! إنها ألات جراحية...ألات جراحية دقيقة تحديداً، لكن من أين آتت بها و ماذا سوف تفعل بها تحديداً!!! أريد أن أفهم
ياللصاعقة!!! إنها تقوم بقلب جفونها ببراعة و كأنها طبيب أمراض عيون محترف...ليس هذا فحسب...إنها تقوم بتناول مشرطاً جراحياً دقيق و تقوم بتوجيهه نحو كرة عينها اليمنى...قلبى يدق بعنف...ماذا تفغلين يا غادة!!! اللعنة...إتها تقوم بإستئصال الملتحمة بزاوية 360 درجة و من ثم تقم بإزالة اللفافة النونية بعناية فائقة و من ثم تقوم تقوم بعزل العضلات المستقيمة كلً على حِدة ببراعة و بسرعة شديدتين بإستخدام خطاف جراحى دقيق...من أنت يا غادة!!!ماذا تكونِ!!! يا للعنه
إنها تقوم بذلك و كأنها جراح محترف قد فعل ذلك الآف و الآف المرات من قبل، لم أسمع قط عن جراح قد أدرى انغسه جراحة فى العين أبدأً...أذكر ذلك الجراح السوفيتى (ليونيد إيفانوفيتش روجوزوف) و الذى قام بإجراء عملية إستئصال الزائدة الدودية لنفسه عام 1961 فى لبقطب الجنوبى عندما كان طبيب البعثة السوفيتية هناك، قد فعلها لأنه كان الطبيب الوحيد فى القارة القطبية المتجمدة وقتها ولأنه ببساطة كان طبيباً ، أما غادة فهى...فهى...من تكونين يا غادة!!!
لا تصرخ..لا تصرخ من فضلك يا أدم، فأنت لا تعلم ما سوف يحل بك لو رآتك، لربما لتحيلك إلى مجموعة من الأنسجة يقوم بدراستها طلاب الطب تحت المجهر فى إحدى كليات الطب التى يعمر بها هذا الكوكب البائس...و من قال إننى قادر على الصراخ من الأصل...أين ذلك المسخ!!! أين هو!!! لكم أفتقده
إنها تقوم بخياطة العضلة بطريقةً مزدوجة بإستخدام خيطاً جراحياً دقيقاً ثم تقوم بفصل العضلة تماماً و تقطعها... العرق البارد يغمر جبينى..اخشى أن تسمع صوت سقوطه على الأرض و تنتبه إلى وجودى...هذا كابوس آخر.حتماً هذا كابوس...مهلاً...إنها تنزع العضلات المائلة العلوية و السفلية دون إستخدام خيوطٍ جراجية هذه المرة و من ثم تجذبها و تقوم...تقوم بإزالة كرة عينها....قلبى سوف يقفز من بين أضلعى من شدة الفزع
يا للرعب...لقد كشفت العصب البصرى دهخل محجر عينها و تثوم الأن بإستئصاله بواسطة مقص جراحى دقيق و من ثُم تتناول كرة عينها و تضعها فى ذلك الوعاء الزجاجى اللعين...يا ويلى...إنها تتحرك...إن عين الجحيم تلك تتحرك بحرية تامة فى ذلك السائل الشفاف الذى يملىء الوعاء و كأنها سعيدة أن تحررت و كأنها تحتفل
إنها الأن تقوم بتكرار ما فعلته فى عينها اليسرى، لكن بشكل أسرع بكثير هذه المرة...أسرع بكثير جداً و كأن المرة الأولى كانت للشرح...للإيضاح...إنها تضع العين اليسرى بجوار أختها فى ذلك الوعاء...ثم...يا اللعنة ...إن غادة تنهض من مقعدها..تنهض و تلتقط ذلك الوعاء الزجاجى و من ثم تحمله و تتوحه به صوب خزانة خشبية في ركن الغرفة...و هى تقوم بفتح الخزانة بينما ظهرها مُوجه ناحيتى...الأكثر رُعباً إنها تقم بفعل كل ذلك و كأنها مبصرةً تماماً
ما هذا الجحيم!!! إن تلك الخزانة مليئةً بالعشرات من تلك الأوعية و التى هى بدورها ممتئلئة بتلك العيون...عيون الجحيم، ز التى أراها تبتسم مرحبةً بالضيف الجديد...لكن ما إن قامت غادة برفع الوعاء كى تضعه جوار سابقيه حتى تحركت كل تلك الأعين اللعينة داخل أوعيتها و نظرت...نظرت صوبى...صوبى أنا...نظرت فى غضب...فى غضب و جنون...نظرة قتلت ما تبقى فى...من كل شىء...من كل شىء
مرحباً يا أدم...كنت فى إنتظارك...قالتها غادة بينما هى تستدير ببطىء مخيف كي تواجهنى
يا المصيبة...يا الرعب..إن محجري عيناها تنمو بداخلهما كرتا عينين جديدتين بسرعة مخيفة...لقد نمت بالكامل خلال ثوانٍ معدودة و من ثم إزاداد عدد من يرمقنى بغضب من العيون بمقدار زوجاً آخر
من أنت!!! ماذا تكونين!! أى مخلوق أنتِ!!!
إنه أنا يا أدم، ألا تعرفنى!!! أنا غادة...زوجتك
كلا...أنا لم أتزوج ذلك المسخ...ذلك الشىء البغيض...ذلك الشيطان يوماً ما
ها ها ها، لازلت تمتلك القدرة على الرد حتى و أنت فى لحظاتك الأخيرة يا أدم
عليك اللعنة!!! ما الذى يحدث!!! من أنت أو ماذا أنتِ!!!
حسناً يا عزيزى أدم، لا بأس عليك، سوف أروى فضولك إلى المعرفة للمرة الأخيرة يا عزيزى، أسمعنى جيداً أيها الأحمق، أننى أفعل ذات الشيء الذى رأيته شهرياً لسنوات، من بعد مضى ليلة إكتمال القمرو قبا أن تنتصف شمس اليوم التالى
لماذا!!! لا زلت لا أفهم شيئاً
إنها المعرفة...المعرفة و القوة...السيطرة..الخلود...إن تلك الأعين تعمل تماماً كالأقمار الصناعية، ترصد و تراقب كل شىء...كل شىء على سطح الكوكب و تنفله إلينا و من ثُم نتحكم بكل شىء...بكل شىء...المجد لنا نحن...لنا نحن فقط
من أنتم!!! أخبرينى
أنا و أهلى يا أدم، طبعاً سوف تقوم بإلقاء سؤال أحمق آخرعلى غرار ما إذا كنا من سكان كوكباً آخر أو حتى من سكان باطن الأرض و إلى ىخر تلك التفاهات التى تملأ رأسك الخاوى، إننا من البشر...من البشر..لكننا لسنا مثلك...نحن طموحين...طموحين جداً ة نسعى وراء تحقىق مصالحنا و مجدنا حتى لو تحالفنا مع الشيطان...نعم مع الشيطان ذاته يا أدم...المصالح تغلب يا رجل...أما أنت يا أدم فلم أعد أريدك...سوف تصبح مجرد قربان بشرى كى أتم تحولى نحو المجد...نحو المجد يا أدم
ثمة طرقات مرعبة على الباب...الباب يكاد يُخلع من موضعه...البيت كله يهتز بعنف...ما هذا!!! مه هذا اللذى يحدث!!! اللعنة
اللعنة!!! هل أتوا من أجل إنقاذك يا أدم!!! لا مستحيل سوف أقتلكم جميعاً
عليك اللعنة يا غادة!!! قالها أدم و هو يركض بإتجاه الباب كى يستقبل منقذيه....
و ياليت أدم ما فتح الباب...يا ليته لم يفتحه أبداَ
ماهذا الشىء!!! مت هذا المخلوق!!! إنه كتلة بشعة من السواد، له رأس كرؤس الماعزتنبثق منها عشرات القرون و تتوسطها عين حمراء واسعة وحيدة تحتل أكثر من نصف مساحة وجهه، فم طولى، جسده هلامى يتبدل شكله ألف مرة كل ثانية
ها ها ها، يالك من أحمق يا أدم، لقد خدعتك مرة أخرى و قمت بفتح الباب بنفسك...قمت بفتحه بإرادتك...بإرادتك الخاصة..ذلك هو القانون يا أدم...قانون الجحيم...أن تفتح الباب بإرادتك الخاصة...شكراً يا عزيزى أدم...لقد أديت مهمتك على أكمل وجه...قالتها غادة ثم أخذت تضجك بهيستيريا شديدة...هيستريا المنتصرين
كان المسخ يدخل الى داخل البيت و غادة تتابع فى إستمتاع واضح...كان يجب أن تسمح له بالدخول و التسلل إلى حياتك كى يتمكن من كل شىء...من كل شىء...ها ها ها وألأن يا عزيزى قبل أن أذهب معه من أجل المجد...من أجل المال و السلطة من أجل الخلود...كل شىء لى يا أدم...كل شىء لى...ها ها ها..و الأن قبل أن أرسلك إلى الجحيم يا أدم و حتى لا تنعتنى بالبخل و أنت هناك فى الجحيم...هل من كلمات أخيرة..كم أنا كريمة معك
نعم
قل ما لديك يا أدم
يا رب...يارب...ياااااارب
توقف
يااااااااااارب...ياااااااارب
توقف...إتك تؤذنا
اللهم أنى أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك أن يحضرون
توقف ...إخرس
اللهم أنى أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك أن يحضرون
توقف ...إخرس
الله لا إله إلا هو الحى القيوم
توقف عن ذكره...توقف
لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات و فى الأرض من ذا الذى يشفع عنده إلا بذكره
توقف عن قرأة القرأن...
يعلم ما بين أيديهم و ما خلفهم ولا يحيطون بشىء من علمه إلا بما شاء
إخرس...تقف...إننا...أننا
وسع كرسيه السموات و ألرض ولا يوءده حفظهما و هو العلى العظيم
لا..لا..لا
يا رب
ياااااارب
ياااااااااااارب
و أظم كل شىء
أنوبيس: و هكذا، أنتهى به الأمر إلى هنا يا هايسكى
هايسكى: يا اللهى...أقد مر بكل ذلك!!! لطفك يارب
أنوبيس: بل و أكثر، لقد عانى لسنوات طوال...كل ما رويته لك كان فقط النهاية، كانت القشة لتى قصمت ظهر البعير
هايسكى: رباااااه...و هل هناك اامزيد؟
أنوبيس: نعم، الكثير و الكثير، و لكنه نادراً ما يتكلم يا هايسكى فلقد تعلم الإنصات أإلى...الصمت
نظر هايسكى إلى أدم الذى كان قد أوشك على الأنتهاء من شواء ذلك الأرنب بينما أصوات طقطقة الخشب المحترق تعم المكان مختلطةً برائحة الشواء فى مشهد يوحى لمن يراه غنه يشاهد شخصاً خالى من المشاكل بينما هو يحمل هموماً تئن ألأرض ذاتها عن حملها
أغرورقت عينا هايسكى بالدموع و هم بالمغادرة...
هايسكى...كان هذا هو صوت أدم
ألتفت الجميع إلى أدم الذى تابع قائلاً
أخبرهم يا هايسكى...قُل لمن ظلمنى و قهرنى و أستكثر على حلمى و أحال حياتى جحيماً...أخبرهم إن مكرهم قد زال و إن شرهم قد إنقلب عليهم
قل لهم يا هايسكى، إن من خان العهد و حدث الناس عنى كذباً وقال لى ما ليس فى و قطع صلة الأرحام و شهد زواً ز أستحل ما ليس له بعد ما أن حث الناس على المعروف و عمل بالباطل، قل لهم إن الله حى..حى لا يموت يا هايسكى
قل لهم يا هايسكى إن من حكم على الناس و هو دونهم، من أستكبر على الناس هو أحقرهمو اخبرهم إن عبارة (أنا خير منه) قد تسببت فى طرد أبليس من الجنة و ألقت به فى عذاب الجحيم إلى الأبد...إلى الأبد يا هايسكى
قل لهم يا هايسكى، إن الأمر لم ينتهى بعد...فقد إنتقلت قضيتى معهم من محكمة الأرض إلى محكمة السماء...إلى محكمة السماء حيث رفعت الأقلام و جفت الصحف يا هايسكى
قل لهم يا هايسكى...أن الحزين سوف سفرح...و قد فرح...و أن المريض سوف يُشفى...و قد شُفىِ...و أن الغائب سوف يعود...سوف يعود يوماً...لكن ليس الأن...ليس الأن يا هايسكى
رفع هايسكى رأسه إلى السماء متجهاً صوب البدر و أنشد
أبكيت ذئباً و الدموع غزيرة
و أدمعت قلباً و الجراح سحيقة
و أنهكت روحاً و الأحزان مريدة
و أرجفت عقلاً و الحلول بعيد
ة
أعاشرت شيطاناً يا إنسان
أألقوك فىبحرٍ بلا شطئان
أأظلموا نهارك دون بيان
أأبكوا ليلك دزن هوان
قد جئت إلينا قاصداً الأمان
قاصداً الأمن من غدر الأيام
و ها نحن تلقيناك بغر حسبان
و لقد لقيتنى درساً يا إنسان
أن أقول يارب يوم يجىء الطوفان
و أخذ هايسكى يعوى و يعوى حتى تردد صوت عوائه عبر جنبات الكون بلا إنقطاع
د. سامح هدهود