مالك يا بدر تبدو حزيناً
أمن الوحدة أم من غزو بني الإنسان
مالك يا بدر تبدو كئيباً
أمن العزلة أم من غدر الأيام
مالك يا بدر تبدو بعيداً
و أنت الأقرب دوماً لقلبان متحبان
ما بك يا بدر تبدو قريباً
و أنت قديما في الكون قدم الزمان
مالك يا بدر تبدو غريباً
و أنت أنيس روحي بكل مكان
ما لك يا بدر تبدو أليفاً
و أنت جرم مظلم في عرف الأكوان
مالك يا بدر تبدو قاسياً
و أنت بضيك يفرح القلب و الوجدان
مالك يا بدر تبدو حانياً
و أنت القاسي علي كل عاشق ولهان
مالك يا بدر تبدو مضيئاً
و أنت لم تشرق لك الشمس يوماً من الزمان
مالك يا بدر تبدو ظلوماً
و أنت تضيء ليل القوافل في البيدان
مالك يا بدر تبدو قاحلاً
و أنت قبلة الإنسان عبر الزمان
مالك يا بدر تبدو عامراً
ووجهك المظلم يلقط الشهب كي تقي إنسان
مالك يا بدر تبدو عجوزاً
و بك يتشبه أجمل بني الإنسان
مالك يا بدر تبدو وليداً
و عمرك قد تخطي مليارا من الأعوام
مالك يا بدر تبدو صامتاً
و بك يغنو الشعراء و تشدو الألحان
مالك يا بدر تبدو صاخباً
و أنت الهادئ و كأنما وجدت الأمان
مالك يا بدر تبدو غامضاً
كي تعوي لك الذئاب في الوديان
مالك يا بدر تبدو مألوفاً
و أنت تبعث الأمل كلما ظهرت للأنام
مالك يا بدر تبدو عاصياً
و أنت طوع ربك و قد ذكرك بالقرآن
مالك يا بدر تبدو خاشعاً
و أنت الذي لم يقدر عليه إنس و لا جان
أخبرني يا بدر
لما قد تواريت خلف الغمام
لما حرمت الموج من الشطئان
لما قلبت بحر الأحزان
لما أصبحت تثير الأشجان
أخبرني يا بدر
لما فتنت العصاة فعبدوك
لما هديت الولاة فعشقوك
لما رصعت سماء الليل بالضي
لما حجبت نور الشمس و أنا حي
أخبرني يا بدإ
عما رأيته في ثنايا الكون
عما عرفته عن كل كائن حي
عما لامسته من كل شهاب قريب
عما فهمته من كل نجم بعيد
أخبرني يا بدر
هل نداء الكون بلا إنقطاع
هل غناء النجوم بسبب الضياع
هل لحن الخلود دائماً موجود
هل صمت الأثير دوماً بلا وعود
أخبرني يا بدر
عن إنشودة ذئب في ليلة قد رآك
عن قصيده عاشق بكي لمرآك
عن كلمات شاعر هوسته رؤياك
عن دمعه مظلوماً سالت مستنجداً إياك
أخبرني يا بدر
عن حضارات نشأت تحت ضيك و أخري قد إندثرت
عن شعوب قد عاشت تحت ظلك و أخري قد إنكسرت
عن شطئان قد غمرها مدك و عن أخري قد إنحسرت
عن أمواج قد علت بك و أخري قد إنجزرت
أخبرني يا بدر
عن بسمة طفلة لما بها قد شبهوك
عن فرحة الشعراء الذين قد تمنوا يوماً إن يأسروك
عن لهفة عاشق لم يكن يوماً قلبه خالي
عن آهات حبيبا قد تأملك طول الليالي
أقول لك يا بدر
أتدري من أكون يا بدر
أنا من سكن الأرض قبل مليون عام
أنا الذي قد ضاقت به الأرض يوماً
أنا الذي قد خلق من الماء
أنا الذي شرع يبحث عن ذاته في الفضاء
أنا الذي لم يهدأ له بال و لا حال
أنا الذي عشق دوماً كلمة خيال
أنا الذي تمرد علي حالي
أنا الذي سالت دموعه و لم أعد أبالي
أنا الذي طفت الأرض و صعدت الجبال
أنا الذي لم يعرف يوماً معني المحال
أنا الذي سكبت الدمع يوماً علي حالي
أنا الذي أضناه سهر الليالي
أنا الذي صرت أبحث عن حبيب بعده أشقاني
أنا الذي عدت يوماً الوفاق خالي
أنا الذي شق صوته صمت الليل و أسمع الأعالي
أنا الذي لم أستسلم مهما حييت لأن الرحمن كان دوماً بي حاني
أنا الذي لم أرد من الحياة إلا أن أكون إنساناً لكنك أبداً يا بدر يوماً لم تبالي
د/ سامح هدهود