القاهرة، العام 3460 م.:
فى مكان ما فى قلب القاهرة و التى أستطاعات أن تسترد ريادتها مرة أخرى فى قيادة الكوكب بعد أن كانت (طيبة) يوماً ما عاصمة العالم لأكثر من ألفى عاماً من الزمان. هنالك تجد الأهرام شامخاً يحرسها الحارس الأمين (أبو الهول) منذ الاف السنين عندما كانت بلاد الدنيا مجرد حفنة من الترا
برزت تلك الأبنية العملاقة كشاهد على عصر فجر الكون الذى أبصر النور من تلك البقعة الغامضة من الكوكب و التى أبهرت العالم سابقاً و لسوف تظل تبهره الى نهاية الزمان.
و من خلف ذلك المشهد المهيب تطل أبراج القاهرة العظمى و التى تناطح السماء معلنتاً بكل وضوح و اصرار أن ( ورود مصر لم تٌقطف بعد) و أننا عائدون الى ما كان عليه أسلافنا.
هناك فى مصر تجد القديم قدم الأزل نفسه بجانب كل ما اتى من مستقبل لا يمكنك حساب سنواته.
هناك فى مصر حيث تشعر أن كل شيء له مذاق مختلف عن أى بقعة أرض أخرى على ظهر هذا الكوكب.
هناك في مصر حيث تجد كل شيء و نقيضه بشكل يحلق بك بعيداً في عوالم موازية فى محاولة منك لفهم كينونة ذلك الوطن....(مصر) لكنك أبداً لم ولن تفهمه...لن تفهمه أبداً.
لكن فى ذلك الزمان قد أستطاعت (عاشقة النيل) ان تنفض غبار الزمان من عليها و أن تهب من جديد بعد سُبات عميق وأن تعتلى عرش العالم من جديد قائلاً: أنا الصوت الذى كان وقت الصمت مسموعاً.
و من داخل أحد ناطحات السحاب جلس (أدم عيسي) يرمق الأهرامات من بعيد وقت الغروب حيث يتبدل لون السماء تدريجياً من الأزرق الى البرتقالى حتى بداية ظهور الخيط الأسود فى الأفق.
"الى أين تذهبين يا شمس الأصيل!!! كم يوماً أشرقتى على تلك البقعة من الكون!!! كم شهدتى من أحداث عظام يا شمس النيل!!!" قالها (أدم) لنفسه و هو يتطلع الى الغروب عبر زجاج نافذة مطبخ من الدور الثالث و الستون بعد المئتين.
فتح (أدم) براد الطعام و تناول شطيرتين من الخبز و قام بوضعهما أمامه على الطاولة و أخذ يضع قطع من الجبن عليهما و شرع فى فرده، ثم شرع يزينهما بقطع من الخيار بينما هو يتطلع الى الشمس التى يقل حجمها فى كل لحظة و بالمقابل يزداد في السماء خيط أخر أسود اللون.
نظر (أدم) الى شطيرته و الى قدح القهوة خاصته و الذى يتقن أعدادها و الذى تفوح منه رائحة نفاذة قادرةً على ايقاظ مومياء (رمسيس الثانى) نفسه بعد ثُبات عميق أستغرق عشرات القرون، ثم هب من موضعه حاملاً شطيرته التى لم يتناول منها شيئاً واضعاً اياها فى البراد فقد شهيته الى الطعام و التى كانت قليلاً أصلاً.
"لا بأس، فسوف تلتهمها زوجتى على أي حال" قالها (أدم) لنفسه قبل أن يتخذ موضعه الأول أمام النافذة و يقوم برفع قدح القهوة الى شفتيه، لكن كل ما أستشعره جسده من القهوة كان فقط رائحتها الذكية و لا شيء أخر سواه.
و تطلع (أدم) الى قدح قهوته و شاهد على سطحه مشهداً مهيباً رسمه له خياله، لا بل أنها ذكرى مشهد قام بهز السماء الكون.
مشهد أنفجار الأسطول الفضائى للكوكب (ست) و هو فى طريقه الى غزو الأرض و كان معهد مشهد انفجار مركبةً فضائيةً أخرى من كوكب بعيد.
مركبةً قرر من يقودها تدمير أعداء كوكبه (كوكب الأرض) فى محاولاً منه للتكفير عن خطأ أرتكبه أخرون و لم يكن له أدنى ذنب فيه.
مشهد مركبةً قادها مقاتل من كوكب أخر.
مشهد لأنفجار مرًوع صامت فى الفضاء عقبه تردد عبارة( اه لو تعلم يا حبيبي) عبر جنبات الكون...
مشهد لأجمل وجه رأه في حياته، مشهد لأجمل روح الفها فى أنحاء الكون السرمدىً،مشهد لحباُ مستحيلاً لم يشأ له القدر أن يتحقق فى ذلك الكون المٌظلم.
لكن قائد تلك المركبة لم يكن ذكراً، بل كانت أنثى، أنثى تٌدعى (روبينا)
روبينا أميرة كوكب فى سماء الكون يحمل أسمها
روبينا الأميرة التى أحبت (أدم) و وضحت بنفسها من أجله عند حافة المجموعة الشمسية
و قفزت الى ذهن (أدم) اخرما قالته اليه (روبينا) و هى مُقبلة على مهمتها الأخيرة: "عدنى أن تكون لى يا أدم،ان لن يكن فى ذلك العالم ففى العالم الأخر"
كان هذا منذ عشر سنوات
و نزلت من عين (أدم) دمعة لوع أفسدت مذاق قهوته بل فقد شعر أنها قادرةً على أفساد مياه محيطات الأرض جمعياً لو أنها سقطت فيها يوماً ماً
و أستمر (أدم) يراقب السماء و التى كانت قد أرتشحت تماماً بالسواد و التى أخذ الليل يُرصعها بنجومه البعيدة و التى عاش (أدم) طوال عمره ناظراً اليها موقنناً أن هناك أحدهم هناك في جانب النجوم يتطلع اليه و فى رأسه نفس السؤال "هل لا يزال هناك في الكون حبيبا!!!"،بل و لديه نفس الأعتقاد "أنه ثمة شيء ما هناك"
_هل يراودك ذلك الحلم مرةً أخرى يا (أدم)؟؟؟
_نعم يا (دانة)، نعم.
_هون على نفسك يا صغيري، ما هى الا أضغاث أحلام.
_نعم، حلم يراودني يومياً منذ عشر سنوات .
_ لكنها لم تكن أول ولا أخر معركة لك فى الفضاء.
_ ربما لأننى لم لأقترب من الموت يوماً مثلما أقتربت فى تلك المرة يا عزيزتى.
_أنك لم تخبرنى سوى بالقليل عن تلك المهمة يا (أدم).
_أن للجيوش أسراراً لا تُروى يا زوجة المقاتل.
تبسمت (دانة) ابتسامة أشرق لها وجه (أدم) و قالت: حسناً، سوف أقوم باعداد أغراضك من أجل مهمتك القادمة يا مغوار الفضاء. متى سوف تغادر؟
_خلال ساعة.
أنصرفت (دانة) كى تقوم باعداد حقيبة زوجها تاركتاً اياه يواجه سوئلاً لطالما شغل به و لم يعرف له رداً يوماً قط. لما لم يُخبر( دانة) يوماً عن ما حدث بينه و بين (روبينا)!!! لما أخبرها فقط أنها كانت مجرد (مخلوقاً فضائياُ) كان مجرد حليفاً على خط النار!!!
هل لأن (روبينا) قد ماتت!!! هل لأنها كانت حلماً مستحيلاً أبت قوانين الطبيعة أن يتحقق!!!ماذا لو أخبرها يوما أنه كان أحب كائن من كوكب بعيد!!! أقل ما في الأمر أنها كانت سترفض الزواج من ذلك المخبول الذى يحدثها بذلك السٌخف!!!
هل ماضيه حِكرُعليه وحده!!! تُرى هل تشعر النساء بالغيرة من أُخرى لم تعد تنتمى الى عالمنا!!! بل لم تكن تنتمى الى عالم البشر أصلاً!!! يا للنساء....
توجه (أدم) الى (دانة) و التى كانت قد أنتهت من تلاتيب أغراضه و وضعتها بداخل الحقيبة خاصته و لثم جبينها مخاطباً أياها قائلاً:
_كم أحبك يا زوجتى الحبيبة، لكم أرى وجهك مرتسماً على كل نجم أثناء تحليقى في الفضاء.
_ أتغازلنى بلسان حال الكون يا (أدم)، كم أحبك يا شاعر فرسان الفضاء.
_أنك تزدادين كل يوم جمالاً يا (دانة). منذ أن تزوجنا منذ عشر سنوات مضت و أنت لم تتقدمى في السن يوماً، بل أكاد أقسم أنك تصغرين في العمر و تزدادين صباً و جمالاً.
_تستطيع القول أننى أقوم باتباع نظرية ( أينيشتين) والتى تقول أن أختراق سرعة الضوء تعيد الزمن الى الوراء. فأما كلما أكبر يوماً أزداد جمالاً.
_ يا فاتنتى.
_هل مازلت تحبنى كما كنت قبلاً يا (أدم)؟
_أننى لن أجدك كلمةً أعبر لك بها عن ما أشعر به تجاهك يوماً يا (دانة)، أنك كلمة الحب أجدها مقصرةً دوماً عن التعبير عن ما فى نفسي تجاهك.
_ هل أنت سعيد معى يا (أدم) بالرغم من أننى عاجزةً عن أنجاب طفلاً لك؟
_ لا تقولى ذلك أبداً، فأنا صغيرك دوماً، أليس كذلك يا مولاتى!!!
_بلى يا (أدم)، قالتها (دانة) قبل أن تلتمع دمعةً في عيناها الزرقاوتين و أستطردت قائلاً:
_قد حان الوقت لذهابك، أمضى في سلام و سوف تجدنى في أنتظارك دوماً عند عودتك من أطراف الكون السحيق.
_أحبك، قالها ( أدم) قبل أن ينطلق في مهمةً أخرى جديدة في الفضاء.
قاعدة الأهرام الفضائية، بعد ساعين:
أنطلق (أدم) متجهاً صوب المكوك (حورس) و الذى كان رابطاً فوق أحد الممرات بالقاعدة كطائر أسطوري له رأس (حورس) حارس سماء مصر الفرعونية بأجنحته الضخمة و التى بدورها تلقى بظلالها على مئات الأمتار المربعة من أرض القاعدة.
أقترب (أدم) من المركبة الضخمة الرابطة تحت ضي البدر القرمزى و ثمة غيمة سوداء هناك تحاول اقحام نفسها فى ضي البدر، مما يعطي احساساً لا يوصف بالرهبة من ذلك الطائر الأسطورى المتئهب من أجل أختراق أعماق الكون بينما القمر يقف شاهداً عليه.
"ترى ما سر ذلك الشعور الذي ينتابنى كلما نظرت الى السماء" قالها (أدم) الى نفسه و هو يستعد الى الصعود الى المكوك، و ما أن دلف (أدم) الى كابينة القيادة حتى خاطبه صوت الكمبيوتر الخاص بالمكوك قائلاً:
_مرحباً بك أيها القائد (أدم)، عوداً حميداً.
_أدم: مرحباً بك يا (حبيبة).
_حبيبة: أمازلت تصر على أن تنادينى بذلك الأسم أيها القائد!!!
_ أدم: نعم، فلقد أخبرتينى منذ لقائنا الأول بأسمك الحقيقى ( ه ب ل 158) أو شيء من هذا القبيل.
_حبيبة: بل هو (ع د 815)، ثم لحظة من فضلك! ماذا لو قمت بأختيار تلك الأحرف تحديداً!!! الهاء و الباء و ألف!!! ماذا لو قمت بضمها سوياً فى كلمة واحدة ماذا يعنى ذلك!!!أخبرنى أيها القائد، أخبرنى!!!
_أدم: ها ها ها مازلتى مرحة كعهدى بك يا رفيقة السلاح.
_حبيبة: نعم، عشر سنوات معاً في الفضاء أيها القائد.
_أدم:حسناً الى العمل يا ساعدى الأيمن. هلا قمتى بالتحقق من كافة أنظمة الأقلاع رجائاً.
_حبيبة: جارى التحقق.....تم التحقق من كافة الأنظمة.
أدم: التأكد من أغلاق كافة أبواب و منافذ المكوك.
_حبيبة: تم.
_أدم: تغعيل المحرك.
_حبيبة: تم.
و أندفعت الطاقة الى المحرك الجبار و الذى قام بدوره في توليد الطاقة الدافعة للمكوك، و من داخل الكابينة تحدث (أدم) الى برج المراقبة قائلاً:
_حورس ينادى برج المراقبة، أطلب الأذن بالأقلاع.
_من عين الفضاء الى حورس، توجه الى الممر رقم ثلاثة، أكرر الممر رقم ثلاثة.
_تم توجيه المركبة الى الطريق الثالث...(حبيبة) ابدأى بأستعمال السرعة المتوسطة عبر الممر.
_حبيبة: تم تنفيذ ألمر، السرعة 500 كم/س.
بدأ المكوك في التهام الممر من أجل الأنطلاق الى عنان السماء و كانت عينا (حورس) ترقب السماء فى تحدٍ و عناد.
_أدم: حبيبة أمنحينى طاقة الدفع القصوى.
و على أثره أزدادت شعلة اللهب المندفعة من المحرك تألقاً و تبدل لونها الى الأحمر الأرجاوني و أصبحت ذات ذيلاً أزرق مخروطى الشكل ينتهى بطرف أبيض أضاء سماء القاعدة و أرتفعت مقدمة المكوك نحو السماء معلناً نجاحه في الأنطلاق مرة أخري نحو الفضاء و لسان حاله يقول (الى العلا في سبيل المجد).
-حورس ينادى عين الفضاء، أطلب الأذن بزيادة السرعة الى المستوى التالي.
_ من عين الفضاء الى حورس، تقدم...
أدم: حبيبة،هل معادلة الضغط على ما يرام؟
_حبيبة: كل شئ يسير على أحسن وجه.
مرت الدقائق و (أدم) يتطلع الى الأرض التى أخذت في التباعد رويداً رويداً،ممر...القاعدة...الأهرامات...القاهرة...دلتا النيل...مصر المحروسة...أفريقيا...الأرض التى و كلما أبتعدت أقتربت السماء و النجوم أكثر فأكثر.
_أدم: حبيبة قومى بزيادة السرعة الى المستوى التالى.
_حبيبة: عُلم، تتم زيادة السرعة...9كم/ث....10كم/ث...11كم/ث تم الوصول الى سرعة الأفلات من الجاذبية أيها القائد.
و أطلق حورس لنفسه العنان فى الفضاء منطلقاً خارج نطاق الجاذبية الأرضية الى الفضاء، الى حيث قوة الجذب تساوى صفر
_من عين الفضاء الى حورس، قم بالتوجه صوب مدار المريخ مع تفعيل السرعة القصوى للمحركات البلازمية.
_حورس ينادى عين الفضاء، تم الأنتقال الى السرعة المطلوبة، زمن الوصول 12 ساعة بتوقيت الأرض.
و تابع حورس طريقه منطلقاً كشهاب عملاق له ذيل من الضوء الى أعماق الكون.
أدم: حبيبة، لما تعتقدى أنهم قد أرسلونى الى المريخ.
حبيبة: لا توجد معلومات لدي أيها القائد، فذلك يندرج تحت بند (سرى للغاية).
أدم: أعرف ذلك جيدا ذلك الشعور الدائم بالشوق الى المجهول و الساعى لمعرفة كنهه. حسناً، لا بأس عليك، هل نحن على المدار الصحيح؟
حبيبة: أننا نتجه صوب المدار الأقصر و الذى يحدث مرةً واحدةً فقط كل 26 شهراً.
أدم: نعم، فسبب دوران الأرض و المريخ بشكل دائم حول الشمس بسرعات مختلفة فأن المسافة بين الكوكبين تتقلص من 470 مليون كم الى 225 مليون كم فقط كل 26 شهراً من الزمان. أننا نقوم باستعمال طريقاً فضائياً مختصراً دون الحاجة الى القفز عبر الثقوب الدودية.
حبيبة:قديماً و أثناء الرحلات الأولى الى المريخ و التى كانت 9 أشهر كاملة تم اختصارها الى 4 اشهر فقط بفضل ذلك المدار.
أدم: نعم، لكننا الأن قادرين على الوصول الى هدفنا في أقل من نصف يوم من أيام الأرض.
حبيبة: بفضل محركات البلازمة و التى تُولد سرعة أكثر بكثير من تلك التى كانت تولدها محركات الصواريخ التى كانت تعمل بالوقود الصلب.
أدم:نعم، فقد كانت الصواريخ سابقاً تستهلك كميات هائلة من الوقود السائل من أجل توليد سرعة تكفي للهروب من نطاق الجاذبية الأرضية ثم تنفصل حاويات الوقود العملاقة و يتابع الصاروخ اندفاعه في الفضاء مستخدماً الوقود الصلب.
حبيبة: لقد تطورت أساليب السفر عبر الفضاء كثيراً أيها القائد.
أدم: بالتأكيد. لكني اتسائل ما اذا كان العلماء قد قاموا بحل مشكلة الطعام الفضائي أيضاً!!! هل مازلت تقومين باعداد حساء الصراصير الفضائية أياه يا عزيزتى!!!
حبيبة: لا، فقد تطورت الخدمة على متن الأسطول الفضائى أيها الفائد، و صرنا نقوم باعداد وجبات جديدة تتكون من الدعاسيق المشوية مع الجرذان المحشوة, أنها لذيذة.
أدم:ما هذا القرف!!!
حبيبة: لا تجزع، انها منتجات طازجة من منتجات كوكب (زحل). أخبرنى رجائاً هل تقوم زوجتك (دانة) باعداد طعام أفضل!!!
أدم: بالتأكيد، و الا ما كنت تزوجتها عشر سنوات كاملة.
حبيبة: أتعلم شيئاً!!!أنا أعطيها وصفات الطعام دوماً. كيف حالها؟؟
أدم: أنها جميلة بكل ما تحوى الكلمة من معانٍ.
أنها قوس قزح فى سماء دنياي...
أنها شمسٌ مضيئةً في سماء أحلامى...
أنها أشودة حب في بحر أشواقى...
أنها فرحةً أزالت هم أحزانى...
أنها صديقةً أبوح لها بأسرارى...
أنها حبيبةً ابعث اليها بأشواقى...
أنها زوجةً أسلمت لها كيانى...
أنها رفيقةً تسعى دوماً الى اسعادى...
أنها حارسة أحلامى و راعية أمجادى...
أنها مولاتى و معشوقتى و وجودى...
حبيبة: يا للعشق!!!
أدم:نعم، أنها ملهمتى فمهما أخترقت الكون أعد لها دوماً حانياً.
حبيبة: و ماذا تعد لها هديةً هذه المرة؟
أدم: سوف أجلب لها حجراً كريماً من ذاك النيزك الذى سقط على المريخ قبل أيام، و لسوف أقوم بصقله و أصنع منه قلادة تضعها على صدرها.يالمناسبة، كيف هى مستويات الطاقة لديك؟
حبيبة: 97%.
أدم: لن نحتاج الى اعادة التزود بالوقود من المحطة المدارية القمرية اذاً.
حبيبة: لا داعى فلوقود يكفينا ذهاباً و اياباُ.
أدم:حسناً. ما هى جاهزية الأسلحة الجديدة المُحملة على متن المكوك؟
حبيبة: في انتظار الأمر للأطلاق، لكننى أمل أن لا نضطر الى استخدامها.
أدم:و أنا أيضاً. لكنه الفضاء يا عزيزتى، انه الفضاء...من يدرى ما يمكن فيه!!! من يدري!!!
حبيبة: نعم، من يدري!!!
و أستمر (حورس) في الأنقضاض على الفضاء مستكملاً طريقه صوب المريخ...
مداركوكب المريخ ،بعد 12 ساعة:
_حورس ينادى عين الفضاء، نحن على وشك الوصول الى مدار المريخ. أن قمرا المريخ (فوربوس) و (ديموس) على مدى البصر.
_من عين الفضاء الى (حورس)، عليك القيام بينفيذ أختراق المجال الجوى للمريخ حسب التعليمات، لا نريدك أن تحترق هناك.
أدم:عُلم...(حبيبة) قومى بتخفيض بتفعيل الدروع الحرارية للمكوك فنحن مقبلين على بدأ (الست دقائق المرعبة) الخاصة بأختراق الغلاف الجوى للمريخ.
حبيبة: تم تفعيل الدروع.
أدم: لا نريد أي مغامرات مع غلاف جوي يتألف من 95% من ثانى أوكسيد الكاربون مع قليل من الهيدروجين. حسناً، فالنشرع بالمرحلة الأولى من الأختراق...خفضى السرعة الى 1600كم/ س.كم تبلغ الحرارة حول جسد المكوك؟
حبيبة: 4000 درجة موئية، هذا طبيعى. أننا نخترق الغلاف الجوى بينما الهواء الساخن يبحث جاهداً عن طريق للوصول الينا.
استمر المكوك في الهبوط لمدة دقيقتين قطع خلالهما 125 كم من الغلاف الجوى الممتئلةُ تربته بخام الحديد لذا قد سُمى بالكوكب الأحمر.
أدم: ها قد بلغنا المرحلة الثانية من الهبوط، قومى بتخفيض السرعة الى 1200 كم/س و ابلغينى بدرجة الحرارة.
حبيبة: 1200 درجة.
أدم: حسناً، عليك القيام بفصل الدروع الحرارية بعد دقيقتين بعدما نكون قد أخترقنا 100 كم اضافية من الغلاف الجوى.
حبيبة: تم تخفيض السرعة.....جارى فصل الدروع...5..4....3...2...1... انفصال.
انفصلت الدروع الحرارية و تابع المكوك الهبوط...
أدم: و الأن أن قوة الجاذبية تبلغ 40 ضعف قوة الجاذبية الأرضية. حبيبة، قومى بتخفيض السرعة كى لا نفقد الوعى و نسقط على المريخ ونتبعثر.
حبيبة: تم ايقاف قوة الدفع و البدء بتشغيل نظام الدفع العكسى...الأرتفاع عشرون متراً...عشرة أمتار...خمسة أمتار...تم الهبوط بنجاح، تهانئى أيها القائد.
أدم: حمدلله على سلامة الوصول.
حبيبة: تفضل بأرتداء بذلة الفضاء الخاصة بك رجائاً.
أدم: شكراً لك، أنا ذاهب الأن للقاء قائد القاعدة. أعتنى بنفسك و بالمكوك.
حبيبة: شكراً لك أيها القائد،مع السلامة.
أدم: مع السلامة.
القاعدة المصرية (نوت)، سطح المريخ، بعد ساعة:
_مرحباً بك فى القاعدة أيها القائد (أدم)، محباً بك على المريخ.
_مرحباً بك سيادة اللواء قائد القاعدة.
القائد: كيف كانت الرحلة؟
أدم: رائعة. فقد كانت المرة الأولى التى نستخدم فيها الفوتونات الضوئية فى اجراء الأتصالات عبر الفضاء. ان تلك الفوتونات تقوم بنقل المعلومات و كذا الأتصالات بشكل أسرع بكثير من سرعة الضوء.
القائد: لقد أختصرتم زمن الأتصال مع الأرض بشكل كبير اذاً.
أدم:بالتأكيد. فالمسافة بين الأرض و المريخ 12 دقيقة ضوئية فيما يعنى أن الأشارة تستغرق 12 دقيقة حتى تنتقل بين الكوكبين بسرعة الضوء مما يتسبب بفجوة زمنية مقدارها 12-15 دقيقة بين ارسال الأشارة و استقبالها. لكن الأن مع استعمال تلك الفوتونات الرائعة فلا يوجد أى فارق زمنى بين الأرسال و الأستقبال.
القائد:نعم، و كأنك في أرض الوطن...أخبرنى أيها القائد عن معلوماتك عن نظرية استيطان المريخ و جعله مكاناً صالحاً للحياة.
أدم: فى الواقع أنه منذ أن قامت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) بارسال مسبارى الفضاء (فايكينج 1 و فايكينج 2) عام 1976 قدم الكثير من الناس العديد من الأفكار المتعلقة باستيطان المريخ، لكننى أعتبرهم جميعاً من المخابيل.
القائد: أخبرنى بما تعرفه.
أدم: أقترح فريق القيام بعدة تفجيرات نووية في أعماق الكوكب من أجل تدفئة مناخ الكوكب و الذى تصل درجة حرارته أحياناً الى سالب 100 درجة تحت الصفر.
القائد: نعم، قد أرادوا قتل كوكب بِكر بالأشعاعات النووية.
أدم: و أخرون أقترحوا وضع مرايا عملاقة حول الكوكب لتدفئته.
القائد: نعم، مرايا حول كوكب يبلغ قطره 6792 كم أى حوالى نصف قطر الأرض، ياللتكلفة.
أدم: لكننى أعتقد ان أكثر النظريات عقلانية هى المتعلقة بعمل تفاعل كيميائى بين غازي ثانى أوكسيد الكاربون و الهيدروجين الموجودان في الغلاف الجوى بحيث يتم انتاج غاز الميثان و الماء، و من ثُم يُستعمل الميثان كوقود للصواريخ و اما المياه فتٌتعمل كشراب ة يتم تحويل جزءً منها الى هيدروجين و أكسوجين أجل التنفس.لكن القيام بتلك تجربة أمراً يكاد يكون مستحيلاً، فهذا كوكب و ليس معمل تجارب مغلق على سطح الكرة الأرضية.
القائد: أقتربت من الصواب أيها القائد. أنت تعلم أنه قبل 4 مليار عام بدأ الغلاف الجوى للمريخ في الأضمحلال مما نتج عنه تعُرض الكوكب للأشعة الكونية و التى أدت بدورها بجانب انخفاض تأثير الجاذبية على سطح الكوكب، أدت الى تبخر المياه من على السطح و تجمُد ما تبقى منها فى الأعماق عند القطب الشمالى للكوكب.
أدم:نعم، و الدليل على ذلك هو وجود بعض الحفريات لكائنات بدائية للغاية و بعض البكتريا فى تربة المريخ. اكن هل سوف نقوم بأجراء نجربة بيولوجية على مستوى الكوكب!!!!
القائد: ماذا لو قُمنا بتنشيط تلك البكتريا من سٌباتها العميق الذى أستغرق أربع مليارات من الأعوام من أجل أحياء الكوكب؟؟؟
أدم: لكن ذلك سوف يستغرق ملايين بل مليارات السنين من التطور.لا جدوى من ذلك المشروع.
القائد: ليس بأمكانيتنا المتاحة حالياً. لكن هناك تكنولوجيا تتيح لنا القيام بذلك و فى عدة سنوات فقط. تلك التقنية سوف نحصل عليها من حلفائنا مقابل أقتسام الكوكب و ثرواته فيما بيننا.
أدم: حلفائنا الروس؟
القائد: لا، الأندروميديين.
أدم: سكان مجرة (أندروميديا)!!
القائد: تماماً، و تحديداً سكان الوكب (روبى). و الأن أيها القائد أقدم لك شريكك في المهمة.
و أعطى القائد أمراً الكترونياً الى باب القاعة كى يُفتح و ما أن أنفتح الباب و دلف منه من كان يقف خلفه الى داخل القاعة حتى بُهت ( أدم) مما رأه، و لم يقوى على أن ينطق ببنت شفه من هول المفاجئة فقد دلف الى القاعة...
مخلوقاً له جسداً كالدولفين، طوله حوالى المتران و كانت له قدمان و ذراعان مثل البشر، أما الوجه فقد كان جميلاً كالبحرالهادىء مع فمُ أسنانه و كأنها فيروز الشطئان...
مخلوقاً له عينان واسعتان تبدوان كجوهرتين تم صقلهما بأتقان، أما الأهداب فكانت طويلة تُشعرك بالحب و الحنان، أما خُصلات الشعر الجُورى فكانت تنسل كالسلاسل وصولاً الى الأرض...
مخلوقاً له جمال كونىَ ما من نوعُ غامضٌ كغموض الكون نفسه، يعجز أى لسان عن وصفه...
من أى جاء!!!
أم من أعماق الكون!!!
أم من ضوء نجم يحتضر!!!
هل رأه أحد من قبل!!!
ربما قد رأه طفلاً رضيعاً فتبسم فقالوا أن الملائكة تداعبه!!!
ربما رأه رجل صالح على فِراش الموت فتبسم فقالوا أنه قد رأى الجنة!!!
مخلوقاً يُدعى....(روبينا)
عجز (أدم) عن الحركة بل و قد عجز عن النطق ذاته...
لما أنتابه ذلك الشعور أن خلايا جسده قد توقفت عن الحركة!!! بل لما أحس أن الكون ذاته قد توقف عن التمُدد اللانهائى والذى كان قد بدأه قبل أكثر من ثلاثة عشر مليار سنة!!!
نعم ، أنها روبينا حبيبته القديمة...
روبينا التى كانت و قد أختارته من بين الكون كُله كى تهب اليه نفسها...
روبينا التى أقدمت بالقيام بمهمة أنتحارية كى تفدى نفسه بروحها...
روبينا التى طلبت منه سابقاً ان يكن لها عندما يتلاقيان فى العالم الأخر...
رباااااه...
أنه ذلك الحُلم الذى راوده نائماً و متيقظاً طوال عشر سنوات مضت...
أنه مشهد ذلك الأنفجار المرًوع الصامت فى الفضاء ممزوجاً بعبارة (اه لو تعلم يا حبيبي) و التى تردد صداها عبر جنبات الكون ذاته...
رحماك يا ملك الملوك...
انها روبينا...
انها قصة الحب المستحيلة...
تعود مرة أُخرى الى الحياة...
روبينا... نطق بها (أدم) بكل ما يملك من أحاسيس و هو دامع العينين بدموع أبت أن تترك مُقلاتيه...
_مرحباً بك يا (أدم)، قالتها روبينا.
_أدم: لكن...لكن كيف!!! لقد مُتِ أمام عيني....ذلك...ذلك الأنفجار المُروع...
_روبينا: نعم، فقد كان أنفجاراً مُروعاً حقاً.
_أدم: لكن...لكن هل عُدتِ من الموت!!!
_روبينا:لا أحد يعود من الموت يا (أدم)...قد قذفنى الأنفجار الى حافة المجرة و قد أستغرقت وقتاً طويلاً كى أعود.
أدم: مستحيل...هذا مستحيل.
روبين: مبارك عليك الزواج يا (أدم).
أدم: أنا...أنا...
روبينا: لا بأس، فأنا كنت ميتة بالنسبة اليك. كما أن نبأ زواج قائد هام مثلك في الأسطول الفضائى لا يخفى عن أحد فى قوات التحالف. أنه كونٌ صغير كما تعلم.
أدم: روبينا، أن لن أنساكِ يوماً...لن أنساكِ أبداً.
روبينا: نعم يا (أدم)، فقط كُنت تعتقد أن الموتى يتحدثون أحياناً. أليس كذلك!!!
أدم: فقط دعينى أشرح لك الأمر.
روبينا: رُفعت الأقلام و طُويت الصُحف يا أدم. فلديك زوجة و هى زوجة صالحة، أما أنا فلست من ذلك النوع الأنتهازى الخائن.
أدم:لا، لا تقولى كذلك...رجائاً.
روبينا: رجائاً أنت يا (أدم) لا أريد أن أغير فكرتى عنك يا رفيق السلاح و أنعتُك بالخيانة، لا تسقط من نظرى رجائاً. قد أنتهى الأمر.
أدم: لا، أنه لم و لن ينتهى أبداً. سأظل أحبك حتى نهاية الزمان.
روبينا: قلت لك أن قد أنتهى الأمر يا (أدم). نحن الأن شركاء عمل فقط فى مهمات رسمية. هيا فسوف يقوم سيادة اللواء بشرح المهمة.
جلس ثلاثتهم و شرع القائد يروى تفاصيل المهمة الموكلة اليهم، لكن (أدم) لم يعي حرفاً مما يُقال، لم يسمعه حتى، فقد كانت كل حواسه مُشتتة بين مجرتين و كانت أيضاً منصبًه على حبه المستحيل الماثل أمامه.
كان يراها...كان يتنفسها...بل كان يعيشها...
أُعتُصر من قلبه دموع الحسرة عليها و صرخت أعماقه أن ماذا تنتظر ثانياً!!!
صرخ عقله أنها هى و كفى، فلتذهب كل قوانين الكون و الطبيعة الى الجحيم...
_هل أستوعبت مهمتك يا (أدم)؟؟؟ قالها القائد مخاطباً (أدم) مُتزعاً الأخير من شروده.
-أدم: نعم، نعم يا سيدى.
القائد: حسناً، أنصرفا الى مركبتكما الفضائيتين، أنا فى انتظار سماع الأخبار السعيدة.
أنطلق (أدم) و (روبينا) كُلُ الى مكوكه و منه الي سماء الكوكب و من داخل كابينة القيادة فى (حورس) هتف أدم:
_روبينا، ألا تُمهيلينى فرصة!!! مجرد فرصة.
_روبينا: أيها القائد، لا تتحدث الا فيما يتعلق بالمُهمة. هذا أمر،تذكر أننى أعلى منك رتبة.
_أدم:....
_روبينا: أليك بالخطة...سوف نقوم بالوصول الى موضع النيزك الذى أرتطم بالمريخ ألأسبوع الماضي، أنه يتكون في غالبيته من الألماس، عشرات با مئات الأطنان.
-أدم "دامعاً": و ما علاقة ذلك بعمار الكوكب!!!
_روبينا: بالتأكيد أنت تعلم أن الماس هو أكثر المواد صلابةً في الكون و أنه يتركب من عنصر الكاربون.
_أدم: بالتأكيد.
_روبينا:لقد أبتكر علماء كوكبى تقنيةً جديدة تستطيع بموجبها تحويل الألماس الى مركبات عضوية نشطة للغاية تتفاعل مع عناصر التربة و البكترية الموجودة بها من أجل تنشيط الحياة بصورة كبيرة و بسرعة مُذهلة.
_أدم: يا لها من تقنية!!! لكن ما هو دورى أنا؟
_روبينا:الطاقة، دورك هو توفير الطاقة اللازمة من أجل القيام بذلك التفاعل الذى يستهلك كميات مروعة من الطاقة.
_أدم: لكن كيف؟
_روبينا:سوف أقوم أنا بمد أنبوباً مُكَون من البلازمة الى ذلك النيزك و أنبوباً اخر اليك، أما أنت فسوف تقوم بتحويل القوة الأنفجارية لأسلحتك الفتاكة الى طاقة و تقوم بارسالها الي من خلال ذلك الأنبوب الواصل بيننا.
_أدم: يا لها من فكرة. لكن هل يكفى ما لدي من طاقة من أجل أداء تلك المهمة؟
_روبينا: لا، بالطبع لا. فسوف يقوم مكوكك أيضاً باستقبال الطاقة المُرسلة اليه من قاعدة الأهرام باستخدام الفوتونات الضوئية.
_أدم: أي أننى سوف أحول الى محطة أستقبال لتفقدات الطاقة عبر الفضاء و أقوم بأرسالها أليك!!! هذا مُذهل.
_روبينا: نعم، و بالتالى سوف نتعاون سوياً من أجل اعمار الكون أيها القائد. لقد قام قائد القاعدة بشرح كل ذلك لكنك كنت شارد الذهن.
_أدم: روبينا...
_روبينا: أسمى هو القائدة (روبينا) لا تنسى ذلك. هيا الى العمل هيا.
_أدم: أمرك سيدتى.
و هكذا أستمر العمل ساعات طوال شاقة مُضنية مرت و كأنها دهور طويلة على (أدم) فلقد أحس أن جسده هنا و روحه عندها. كان في دوامة من المشاعر ما بين حبها و قتالها من أجله سابقاً و رفضها المُطلق له حالياً.
كان تائهاً ما بين مشاعرها الرقيقة الحانية و حزمها في العمل، كان مشًتتاً ما بين غموضها الدائم مع احجامها لمشاعرها مع رفضها أن تخون (أُخرى) من بنى البشر...
أنها (ملاك مُقاتل) اذا جاز التعبير، بما فى ذلك من رقة الملائكة و قسوة المحاربين مما يجعلها مزيج يعجز أى حال لسان في الكون عن وصفه...
ظلَ (أدم) لساعات يصارع بحر الألم و الندم و الدهشة الى أن قامت هى بأرسال أعتى أمواج ذلك البحر اليه حين خاطبته قائلة:
_أدم، قد أنتهت المهمة بنجاح، أنا ذاهبة، أنا ذاهبةٌ الأن الى كوكبى، الى الكوكب روبينا، وداعاً أيها القائد.
و أنطلقت (روبينا) بمكوكها بسرعة الضوء...
_أدم: حسناً يا (حبيبة)، فلتعيدينا الى الأرض.
_حبيبة: نعم، الى الأرض أيها القائد، فزوجتك تنتظر هناك.
و عاد (حورس) أدراجه الأرض...
كوكب الأرض، منزل (ادم)...لاحقاً:
دلف (أدم) الى منزله و أقبل على زوجته (دانه) بلهقة لكن الأخيرة قد أستوقفته باشارة من يدها مما أصابه بالذهول...
أدم: ما بك يا (دانه)!!!
دانه: ألا تعرف ماذا أحل بي يا هذا!!!
أدم:يا هذا!!!
دانه: قل لى ماذا فعلت هناك!!! ماذا فعلت على المريخ يا (أدم)!!!قُل..تكلم.
أدم: قد أتممت مهمتى على أحسن وجه.
دانه: أي مهمة؟
أدم: مهمة أعمار المريخ.
دانه: نعم، أعمار المريخ...و خراب بيتك.
أدم: خراب بيتى!!!
دانه: كيف حال حبيبتك؟؟؟
أدم: !!!!!!
دانه: أردتها لنفسك لكنها أخبرتك أن لديك زوجة و زوجة صالحة، و أنها ليست ذلك النوع من المخلوقات. أليس كذلك يا (أدم)!!! أليس كذلك!!!
أدم"ذاهلاً": ما هذا الهُراء!!!
روبينا: أتعلم يا (أدم)، أم أخرما أتوقعه بك هو الخيانة...و الغباء.
أدم: أنا!!! عمَ تتحدثين!!!
دانه: أسمع يا (أدم) اذا أردت أن تلعب دور الأحمق سوف أجعل منك أحمق فعلاً.
أتذكر حديثنا قبل مغادرتك الى المريخ؟ أتذكر حين سألتنى لما لا أتقدم في العُمر؟؟؟ هل سألت نفسك يوماً لما أنا عاجزة عن الأنجاب؟؟؟
أدم: أنت جميلة و أنت كل حياتى و هذا يكفى.
روبينا: ها ها ها، أعذرنى يا سيدى فقد نسيت أن أُخبرك بأهم قُدرات سكان الكوكب (روبينا).
و هنا أحتبست الكلمات داخل حلق (أدم) من هول من رأه...
فجسد (دانه) كان يهتز و يتبدل بشدة حتى تحولت الى....روبينا
أتسعت عينا (أدم) حتى كادتا أن تخرُجا من محجريهما و هو يُحدق فيها ذاهلاً بعد أن توقفت كل الوظائف الأرادية فى جسده عن أداء عملها...
_روبينا: نعم يا (أدم)، أنه أنا (روبينا)، الأميرة (روبينا)...
أنا التى قٌمت بالتجسد في شكل أمراء من بنى البشر قبل عشر سنوات مضت و التقيتك و تزوجنا...
أنا التى عملت ذلك لأننى أعرف أنكم بنى البشر تها بون المجهول و تخشون الأخر با ترفضون مجرد فكرة وجوده أصلاً...
أتعلم يا (أدم)، هناك العديد و العديد من الزيجات تمت بالفعل بين فتيات الكوكب (روبينا) و بين سكان الكواكب الأخرى، و كلهم قاموا بتحذيرى من تلك الزيجة، كلهم حذرونى من بنى البشر، لكننى كُنت حمقاء...نعم يا (أدم) كنت الحمقاء الوحيدة على كوكبى.
أتعلم يا (أدم) ما هو الثمن الذى قُمت بدفعه حتى يقبل أبى بزواجى منك!!! قد تنازلت عن العرش يا (أدم). نعم فقد كُنت أنا وريثة العرش، فلا يمكن لملكة الكوكب المُستقبلية أن تتزوج من كائن فضائى. لكننى قبلت الشرط و ضحيت بملكى من أجلك
أن للطبيعة قوانينها الصارمة يا (أدم)، صحيح أننى قد أستطعت القيام بتبديل هيئتى لكننى لم أستطع فعل ذلك مع جيناتى لذلك كان الأنجاب مستحيلاً.
كما أن متوسط أعمارنا يُبلغ مئات القرون بحساب سنواتكم الأرضية، لكنى واثقة أن عقلك البشرى المحدود لم و لن يستطيع استيعاب أى من تلك الحقائق، أنت مثل سائر بنى جنسك تحسبون أنكم قدرتم على الكون.يا للحُمق.
و لعلك لم تلاحظ أن أسمى (روبينا) و (دانه) كلاهما يعنى (اللوءلوءة) بل أن (دانه) هى أكثر اللئالئة نُدرة و أكثرهن جمالاً و قيمة، نعم فقد أخترت لنفسى أسماً بنفس ذات المعنى.
وهبت لك نفسي و روحى وحتى أسمى و كيانى غيرته من أجلك، لكنك يا (أدم) أحببت فكرة، مجرد فكرة غبية مثلك فى رأسك المُظلم...ذهبت (روبينا) و أتت (دانه) ثم عادت (روبينا) ثم ذهبت بلا رجعة و ألأن سوف تذهب (دانه) هى الأخرة بلا رجعة...
أدم: روبينا...
روبينا: فلتنُم على السرير الذى صنعته لنفسك يا (أدم)...وداعاً يا بن أدم...وداعاً أيها الأرضي.
و تلاشت فجأءةً من امام عيناه...
نظر (أدم) عبر زجاج نافذته متطلعاً الى السماء قائلاً:
قابلتك فى الفضاء الفسيح و كُنت لى الحُلمً المٌحال...
فتركتينى أول مرة بوداعاً سريعاً لم يكن على البال...
ثم كُنت لى دوماً بطريقة لم تُرد علي حتى فى الخيال...
ثم ألتقيتك مرةً أُخرى فى كوكبً بعيداً هو فى الكون جُوًال...
فتركتيني ثانيةً و أصبح حالى هو أسواء حال...
و لجأت اليك منك هروباً من الواقع المُحال...
فتركتينى ثالثةً دون أمل في العودة حتى لو في الخيال...
و نزلت من عين (أدم) دمعة و هو يتأمل القمر الأحمر و ظل ينادى حتى ملئ ندائه أركان الكون الفسيح:
روبينا...
روبيناا...
روبيناااااااااا...
لكن أطبق الكون صمتاً و لا من مُجيب.