لم أعد وحيداً
لم أعد غريباً
أذكر يوماً كنت وحيداً
فى مكانٍ لم أشعره أليفاً
يوم ما تاهت الكلمات
حين طُمست العبارات
عندما فُقدت الذات
حينما توقفت مدن الأحلام عن الإتساع
و إحتار القلب و ملأته الأوجاع
و صاريومى بين تخبط و ضياع
و بكى ليلى و إنتحبت الأصقاع
حينما أبحر قاربى بلاشراع
و تقاذفته الأمواج و كأنها مِقلاع
فهامت سفينتى تبغى البِقاع
بِقاع إشتهتها أحلامى الجياع
أحلامً أرادت نهشها الضباع
يوم ما لم أعهد من خُلق البشر إلا نهم السباع
يوم ما بكت السماء بلا ذنب و لم يعد لى فى
الدنيا جنب
يوم ما جف منى الماء و سُقيت روحى الشقاء
يوم ما غُلقت الأبواب و أبتعد الصُحاب
يوم ما نفذت الأسباب و أشتقت إلى الهواء
يوم ما دمدمت الريح و أهتزت الجبال
و إنطفئت الشمس و بكى الهلال
فأصبح الأمل درباً من المُحال
و حتى الفرح لم أجد منه مِثقال
و أمتلئت جُب روحى بالدمع الثِقال
حتى أطبق الكون ذاته و إنقطع السؤال
لكن...
لكن شيئاً داخلى إشتاق إلى الماضى الذى كان
و صرخ أن هُب...فلم يفت بعد الأوان
قد صرت غريباً و لم يعد لك مستقرٌ بذاك
المكان
أبرح مطرحك و لا تمكثه بعد الأن
و أسع فى أرض ربك قاصداً الأمان
فلم أعهدك يوماً ضعيفاً ولا خذلان
قُم...تحرك...و كن إنسان
أحلم...و لا تخشى النظر عبر الجدران
إنهض...حتى لا يغمرك الطوفان
ألم تشتهِ يوماً لطعم الجنان!!!
أم ضعفت و أستسلمت للهوان!!!
لم أعهدك يائساً يوماُ من الأيام
لم آلفك صموتاً...أجبنى يا إنسان
حادثته...
أدهشنى من حارب حلمى دون كلل
حيرنى من قاتل روحى بلا ملل
أفزعنى من أزهق فرحى دون مبالة
توهنى من خنق صخبى بلا مناجاه
و أرعبنى من إغتال أملى دون محاباه
لم أجد قلباً يواسينى
و لا روحاً تحوينى
لم ألق خليلاً يحامينى
و لا صديقاً يعزينى
لم يعد القريب يجتبينى
و لا الغريب يصطفينى
لم أجد سوى ماضٍ يحتوينى
بعدما صار الحاضر دوماً يُبكينى
فخبرنى بالله عما يُرقينى!!!
و يُضىء ليلى و من الفجر يروينى
قال...
قال...أبكيتنى
فوالله ما أضاعوك و لكن قد أنسوك
أنسوك نفسك فى أرض بور
أنسوك معنى الفرح و السرور
أنسوك ما كان ببالك يدور
أنسوك ما كان في قلبك من حبور
أنسوك و قد أضلهم الغرور
إستخبرته...
و إلى من ألجىء و لأين المفر!!!
قد ضاقت بى الأرض ما بين غدرٍ و شر
و ألتهب الشتاء و فاض بالحر
فإنسحقت الروح و إسود الدُر
فأين المفر!!! ألا للروح من مُستقر!!!
أذعن قائلاً...
عجبت منك...و الحل قريب
ألم يكن لك دوماً أقرب من حبل الوريد!!!
ألم يحمك أبداً من كل شيطانٍ مريد!!!
قُم و أذكره...فالخير قريب
و أستمسِك بدربه و خاطبه...فهو المُجيب
و لا تآبه بمن فى الأرضِ فهو الحسيب
و خاطب السماء و كُن له مُنيب
قلت...
يارب
أنت القائل...إستنجدنى تجدنى
أنت القائل...أذكرنى تجدنى
أنت القائل...أشكرنى تجدنى
فوجدتك
وجدتك أقرب إلى من حبل الوريد
يارب
لم أعد وحيداً بعد الأن يارب
لم أعد وحيداً بك أنت يا رب
يارب