حلق مع هدهوديات في الفضاء السيبراني

recent
أخبار ساخنة

لقاء علي ارض الفيروز ٢ (عودة نفرع)

 




         
                              مقدمة

إن ما كتبته هنا لم يكن محض صدفة او خيال بل إنها مشاعر و احساسيس قد تتبادر إلي صدر اي منا، و اهدي ما كتبت إلي ولدي و  قرةعيني (مصطفي)  والي ابنتي و نور فؤادي (حبيبة) التي اعدها برواية قريبة تحمل اسمها، مع العلم ان كل المعلومات في هذا العمل موثقةعلميا،،،،،،،،،،،،
و اليكم ما كتبت.......


_(مصطفي)، إنهض يا ولدي.


_ أقد حان الوقت يا أبي؟


_نعم يا ولدي،اليوم يومك.


_و كيف ما سأكون يا أبي؟ 


_سوف تصبح جندياً فى جيش بلادك.


_لكنني أخاف مما انا مقبل عليه.


_كلنا خفنا يوماً، لكننا شرفنا بذلك كل يوم، هلم يا بني.


_و قد خدمت في الجيش يوماً يا ابي.


_نعم يا ولدي، انا و جدك من قبلي، هلم إلي الجهاد. 


استيقظ (مصطفى) نشطا،متوجسا، متسائلاً في نفسه، ما هى حياة الجندي؟ أهي شقاء و كد؟؟؟ أهي تضحية؟؟؟ أهي بطولة؟؟؟أم إنها حرب؟؟؟تناثرت الأسلئة في رائسه بلا اجوبة، لكن تبقي فكرة واحدة مسيطرة علي تفكيره (انه لن يكون ابدا مثل ما كان سابقاً).


تناول (مصطفى) طعام الإفطار وصلي إلي ربه داعياً إياه التوفيق في المرحلة المقبلة من حياته، ودع اهله و عند الباب قال اباه مخاطباً إياه:


_تذكر يا (مصطفي) إن ما سوف تفعله هو في سبيل الله، و انك تدفع الضريبة التي دفعها كل من قبلك لينعم اهلك بالسلم و الامان و إن هناك من سيأتي بعدك يوماً و سيدفعها نيابة عنك.


_حسنا يا أبي، إلي اللقاء.


_استقل (مصطفي) القطار متوجهاً إلي العاصمة حيث سوف يتلقي تدريبه الأولي في إستخدام السلاح، وجلس يتامل من خلال زجاج النافذة،: (الجيش) ما هو؟؟؟ هل هو دبابة، طائرة، مدفع؟؟؟ هل هو لباس عسكري؟؟؟ هل هو حياة في صحراء؟؟؟ هل سوف يفعل لوطنه شيئا يوم ما؟؟؟ لكن هل انا الشخص الذي لم اقم بإعداد كوب من الشاي لنفسي يوماً، هل سوف اكون يوماً قادراً علي الإعتماد على نفسي بل و تحمل مسئولية الدفاع عن وطني؟؟؟ فليساعدني الله!!!


إنتشله من تفكيره صوت صافرة القطار معلنة موعد الوصول (القاهرة). حمل (مصطفي) حقيبته و نزل إلي المحطة، عجبا لما يشعر انه يراها للمرة الأولى؟؟؟ لما يشعر إن الناس تنظر إليه بنظرة مختلفة، نظرة لم يألفها في حياته، نظرة ليست سيئة لكنها (مختلفة). و لماذا ايضاً يشعر إن هناك حاجزاً زجاجيا يحول بينه و بين العالم الخارجي؟؟؟


خرج (مصطفي) من المحطة و شاهد (عربات الفول المدمس)إياها في إنتظاره، كان جائعاً لكنه لم يألف يوما ان يتناول طعامه في الشارع و لا علي ( عربة فول)، لكن شيئاً ما في نفسه قال مخاطباً إياه: 


_لما لا تخرج عن خجلك الدائم و إنطوائك و عزلتك عن الناس؟ لما لا تجرب؟ انها الحياة من منظور جديد، منظور اوسع و اشمل.ثم إنك مقبل على مرحلة جديدة في حياتك.


_مصطفي: بالله عليك اصمت قليلاً، قم بتهدئتي لا تزدني توتراً.


_الصوت: أقتحم الحياة يا (مصطفي) قبل إن تقتحمك هي.


_ مصطفي: حسناً يا مزعج،فلنقم بأول تجربة مع الحياة. 


ذهب (مصطفي) إلي عربة الفول، و خاطب البائع قائلاً:


_أريد شطيرتين من الفول من فضلك.


_البائع: توجد فقط أطباق يا بني، كم واحداً تريد؟


_مصطفي:فلأجرب واحداً. هل لي ببعض زيت الزيتون من فضلك؟


_البائع:هههه،لا يوجد سوي الزيت الحار، هل لك به؟


_مصطفي:حسنا سأجرب.


جلس (مصطفي) علي طاولة خشبية يتناول الفول و الخبز. لم يكن الخبز طازجاً او ساخنا كما كان في بيته،لم يكن الفول ( محبش) كما آلف طوال حياته،لم بجلس علي سفرة فاخرة كعهده دائما، لكنه لم يكن مبتئسا فقط كان مستغرباً ما هو فيه من بساطة العيش و إختلاطه بالناس بتلك السهولة.


_ اتريد صحنا اخر؟


انتزعه السؤال من شروده فنظر إلى مصدر الصوت فوجد صاحب العربة، فإجابه قائلاً:


_نعم اريد صحنا اخر مع (فحل بصل)من فضلك.


تناول (مصطفي) الطعام و شاهد من حوله يقومون ( بدش فحل البصل)،كما كان يشاهد في التلفاز سابقا،فقام محاولا (دش فحل البصل خاصته)، لم يفلح، حاول ثانياً، فأهتزت المنضدة و انسكب صحنا من الفول علي شخصاً كان يجلس جواره، فوبخه الاخير قائلاً:


_ الا تري امامك يا فتي؟؟


_مصطفي:انني اعتذر اليك يا (عمو).


_الرجل: (عمو)؟؟؟ أهذا ما علمتك إياه والدتك ان تحدث به الناس!!! يا لك من.....


قاطعه (مصطفي) قائلا: أسمع قلت لك انا آسف لكن لن اسمح لك ان تقوم بإهانتي.


احتدم الموقف وكاد أصحاب الرجل ان يفتكوا ب(مصطفي) لولا تدخل صاحب العربة قائلاً: 


_برعي، خذ دع الفتي و شأنه و خذ شلة القرود هذه و إنصرف من هنا فورا.


_ برعي: لكن يا عم رجب....


_عم رجب:قلت لك إنصرف، هذا الفتي قريبي.


إنصرف الفتية، فبادر (مصطفى) البائع قائلاً:


_ شكرا لك يا  عم رجب. 


عم رجب:العفو يا ولدي، لكن كن حذراً فالحياة شاقة و خاصاً ما انت مقبل عليه.


مصطفي:وكيف عرفت ما انا مقبل عليه يا عم رجب؟؟؟


عم رجب:إنه (حزام اوريون) يا مصطفى.


_مصطفي:حزام ماذا؟؟؟ و كيف عرفت اسمي؟؟؟


_عم رجب: ستعرفني ذات يوماً يا مصطفي.لكن تذكر الثالث من ديسمبر.


_مصطفي: لما يزداد كلامك غرابة؟ حسنا لنقل انني لم اسمع شيئاً، كم حسابك؟


_عم رجب: خمسة جنيهات.


_مصطفي:فقط؟؟

_عم رجب:نعم، لكن فقط تذكرني يا (مصطفي).


غادر (مصطفي) المكان و كان يؤمن إن هذا الرجل قطعاً مجنون، لا بأس فلن يضر الحياة مجنوناً آخر. أستقل (مصطفي) الحافلة العسكرية ذهابا إلي مركز التدريب. عند وصوله شاهد المعدات الحربية فإنتابه شعور بالرهبة و الفرحة ممتزجا بالفخر لإن ما يراه ينتمي لجيش بلاده.


قضي (مصطفى) فترة تدريبه يتعلم كل يوم شيئاً جديداً و كان عندما يخلد إلي النوم يفكر: حياة قاسية؟ نعم، لكنها مشوقة. بها شدة؟ نعم، لكن بها إلتزام.أيعاني الشمس المحرقة؟ نعم، لكن نسمات الليل كانت بلسما لروحه.عانى من شح الزاد؟ نعم، لكنه كان يعلم ان ذلك من اجل شد عضده. عاني من قصوة في التعامل؟ نعم،لكن بكرامة و عزة نفس. أهابته تدريبات إطلاق النار؟نعم،لكنه كان يشعر انه مختلف، إنه قد صار رجلاً.


مرت الايام إلي أن جاء يوم الذهاب الى وحدته العسكريه،أخبروه إنه ذاهب إلي الشرق، إلي (سيناء)، جال بباله (سيناء) أرض الحروب الابديه لحكمة لا يعلمها إلا الله،(سيناء) بوابه مصر الشرقيه،(سيناء) التي كانت مركزا (لجيوش الشمس) الفرعونية،(سيناء) التي تجلي الله (جلي و علي) علي جبلها، حسنا إنني قادم إليك يا (سيناء).


أستقل (مصطفي) الحافلة مع رفقائه من الجنود، و كانوا يتمازحون طيلة الوقت مدارين توترهم من المجهول الآتي إليهم،و عندما اقتربت الحافلة من شاطئ القناة و راي الصفة الشرقية للقناة إنتابه إحساس غريب، لم يدري كيف بكتبه، لم يستطع ان ينطق به، و هو يري (سيناء) لاول مرة كجندي و ليس حسائح. نعم في السابق كان يشعر إن تلك الأرض بعيدة و غريبة، لكن الأن يشعر إن ارواح الشهداء تطوف بتلك الارض تحميها 


عند وصولهم، استقبلهم القائد قائلاً:


مرحبا بكم يا رجال، اهنئكم بعد ما اصبحتم حقا رجال. و الآن سوف نقوم بتوزيعكم علي أماكن خدمتكم ثم تتلقوا تدريبات متقدمة في فنون القتال و مهارات إستخدام السلاح. مرحبا بكم في ارض الفيروز.


صارت الحياة مع (مصطفي) في وحدته و كان يتقدم في تدريبه و في إعتماده علي نفسه ، كان يشعر انه اصبح (ذو قيمة)، و كان قائده يخبره دوما: إن وجوده هنا يجعله سبباً في حماية من يحب علي ارض المحروسة. حقا، أقد صرت كذلك؟؟؟أقد صرت درعاً لاهلي؟؟؟ انا الذي لم اقم يوما بطهي بيضه لنفسي اصبحت اعتمد كليا علي نفسي بل و صرت ذو قيمة لوطني (شكرا لك يا جيش بلادي).


يوماً ما و اثناء التدريبات أصيب (مصطفي)و فقد الوعي، و بينما هو فاقد الوعي شاهد والده.


_الأب: مصطفي إنهض، قم يا ولدي.


_مصطفي:لست أقوي يا والدي.


_الأب:بل تستطيع، انهض فامامك الكثير كي تفعله.


_مصطفي:الكثير؟ ماذا تقصد يا ابي؟؟؟


_ الاب: مهمتك في هذا الزمان، إنه قدرك المحتوم.


_مصطفي:ماذا تقصد؟؟؟؟ 


وهنا راي (عم رجب) بائع الفول يخاطبه قائلاً:


امامك الكثير لتفعله من اجل وطنك يا (مصطفي)، افعل ما يقوله لك والدك.


_مصطفي: انت؟لما تتبعني؟؟ و لما جئت مع أبي؟؟؟ هل يعرف كل منكما الآخر؟؟؟؟


_عم رجب: نعم و من قبل ان تولد يا (مصطفي)، عرفنا بعضنا البعض في زمان مختلف و في مكان قريب، فقط تذكرني جيداً يا(مصطفي)و تذكر حزام اوريون، تذكر ( الجبار).


_ مصطفي: من، من أنت؟؟؟؟


_ مصطفي،  قم أفق،  أفق بالله عليك.


كان هذا صوت قائده مناديا إياه، مخترقا أحلامه. افاق (مصطفى) ليجد نفسه في مستشفى ميداني و جواره طاقم طبي و قائده الذي استدرك قائلاً: 


_حمدالله علي سلامتك يا بطل، قد قلقنا عليك.


_مصطفي: اشكرك سيدي القائد،لكن ماذا حدث؟


_القائد: سقطت علي راسك اثناء التدريب و كان جرحا تم رتقه، لكنك فقدت وعيك بعض الوقت. حسنا سوف اقوم بمنحك راحة تذهب فيها الي البيت كي تطمئن اهلك.


_ مصطفى: لا يا سيدي، لن اذهب إلي البيت،سوف اظل معكم. اعلم انا في حاجة إلي بعضنا البعض.


_القائد: لكنك في حاجة إلي إن تتعافي.


_مصطفي: سيدي القائد أرجوك سوف أتعافي هنا، معكم.


قال له القائد و هو ينظر إليه بحب: حسنا يا بطل، لك ما اردت.


_مصطفي: شكراً لك سيدي.


و بعد إنصراف القائد جلس (مصطفي) مفكراً فيما رآه، و اخذ يفكر فيما قاله (عم رجب) عن (حزام اوريون) او (الجبار) و ايضاً عما قاله (ستذكرني ذات يوما يا مصطفي)، ماذا يقصد؟؟ و ما الذي جمعه مع والده في حلم واحد؟؟ غريب هذا!!!


حسناً فالاسترجع معلوماتي عن الفلك: إن (حزام اوريون) او (الجبار) او ( الجوزاء) يتشكل من مجموعة من النجوم التي هي الاوضح في السماء، و هيئتها كمحارب يقف حاملاً سلاحه و علي خصره حزام من ثلاثه نجوم، و هو يشير الي الشمال المغناطيسي لا إلي الشمال الجغرافي.


الشمال المغناطيسي لا إلي الشمال الجغرافي اممممم، من يشير إلي ذلك الاتجاه ايضا؟ نعم إنها الاهرامات ، لكن ما اهمية ذلك، حسنا إن ذهني مشوش الان، فالاتذكر لاحقاً.


انتهت فترة الراحة و ذهب (مصطفي) إلي موضع خدمته،كان وحيداً في الصحراء ممسكاً بسلاحه مستمدا منه الامان في هذا الليل البهيم الذي القي عبائته الثقيلة في كل مكان، متئملا السماء من فوقه محاولا تخيل شكل (الجبار)، بالتاكيد إن تلك الروئيا لا تفارق مخيلته، أتشبهني ايها المحارب الجبار؟؟هل هناك من يقف في احد تلك المجرات البعيدة بتأملني و يتسأئل نفس الاسئلة؟؟؟ ربما!!


امعن (مصطفي) النظر إلي السماء، نعم إنه يميز تلك الإجرام السماوية الثلاثة انها عطارد، الزهرة و زحل و هي ناظرة للعين المجردة.نعم إن انعكاس ضوء الشمس عليها يجعلها تبدو كنجوم في السماء. جميل هذا المظهر. لكن الا يذكرك هذا بشئ ما؟ نعم، نعم ما هو تاريخ اليوم؟ إنه الثاني من ديسمبر سنة ٢٠١٢. هذا التاريخ، هذا التاريخ هو اليوم السابق لتعامد تلك الإجرام السماوية الثلاثة فوق الاهرامات محاكيا حزام اوريون في مشهد لا يتكرر سوي مرة واحدة كل ٢٧٣٧ عام، لكن ما علاقة ذلك بما قاله (عم رجب)؟؟؟؟


و هنا سمع صوت يخاطبه من العدم يخاطبه قائلاً:


_أحسنت التفكير يا (مصطفي).


فزع (مصطفى) و أستل سلاحه موجهاً إياه صوب مصدر الصوت قائلاً:


_أثبت محلك.


 لكن ما رآه كان غريباً. رأى رجلاً يرتدي ملابس تبدو كملابس رواد الفضاء، لكن كان منقوش عليها رمز (حورس) ، غريب هذا.لكن الاغرب إن من يرتدي الملابس كان ذو وجه مألوف، تري اين رآه سابقا؟ نعم إنه (عم رجب) بائع الفول.لكن لما يبدو كالطيارين؟ لا وقت للاسئلة الغبية الأن، و يجب علي القيام بواجبه الوطني. قام (مصطفي) بتعمير سلاحه و وجهه إليه قائلاً:


_من انت؟ لا تقل لي انك انت (عم رجب) بائع الفول.


_عم رجب: لا لست كذلك، اخفض سلاحك. دعنا نتحدث.


_مصطفي:لا، لن افعل، قل لي من انت و ماذا تفعل هنا و إلا اطلقت النار.


_ عم رجب:لا تجزع إننا في ذات الفريق.


_مصطفي:لا يوجد سوي فريق واحد هنا الا و هو الجيش المصري. لاخر مرة اقول لك ان بائعي الفول لا يرتدون ملابس رواد الفضاء و لا يدخلون خلسة الي مناطق عسكرية، من انت و إلا اطلقت النار.


_عم رجب:انا الضابط (نفرع) قائد سرب (رع) من قوات (طيبة) الفضائية.


_مصطفي "متكهما": حسناً يا سفير السماء، لقد حكمت علي نفسك بالموت.


و أطلق النار لكن الرصاصات اردتدت من علي جسد (نفرع) ، فاطلق (مصطفي) النار ثانياً، لا شيء، اطلق مرة ثالتة و رابعة ...تبا لا شيء.


_ نفرع: عندما تنتهي خدمتك بعد ساعتين سوف اخبرك بكل شيء يا (مصطفي). 


و تلاشي كما ظهر....


وقبل ان يفيق ( مصطفي) من دهشته سمع صوت ابيه مخاطباً عقله قائلاً: 


_أفعل ما يطلبه منك الضابط (نفرع) يا ولدي، إن ما يقوله اهو حق و لسوف تخدم وطنك حقا، إن (نفرع) هو من اجدادنا العظماء. فقط ثق به كما وثقت انا به سابقا وثق في نفسك.


_مصطفي:لكن يا ابي ما جمعكما سويا؟؟قل لي بالله عليك!!


_الوالد:سوف يخبرك اثناء فترة راحتك، لا تقلق.


_مصطفي:!!!!!!


استغرقت الساعتين المتبقيتين من فترة خدمة (مصطفي) دهورا كي تمضيا، و كانت في راسه آلاف الاسئلة بلا إجابة حتي إنه عندما حضر زميله ( احمد) ليحل محله كاد ان يطلق عليه النار، فقد كان متوتراً بحق كان متحفزا بحق.


_أحمد: مصطفي ما بالك، انا رفيق السلاح يا صديقي 


_مصطفي: حسنا يا رفيقي، أبلي بلائا حسنا. وداعاً 


_أحمد:ما بالك؟ لم انت شارد هكذا؟ و لما تلك كل فوارغ الرصاصات؟لما اطلقت النار و علي من؟ بما سوف تخبر القائد؟؟؟ مصطفي، مصطفي لما لا تجيب؟؟؟؟


كان(مصطفي) يسير هائما علي وجهه، لم يكن يسمع(احمد) اساسا، كان مترقبا وصول هذا (النفرع) بين لحظة وأخرى إلي أن وجده امامه، فبادره  قائلاً:


_حسنا، اعتقد انك تدين لي بكثير من التفسيرات، اليس كذلك؟؟؟


_نفرع: كل في وقته.


_ مصطفي: لا تستخف بعقلي يا هذا، قل لي قصتك و ماذا تريد منى؟


_نفرع: انا جندي في الجيش المصري مثلك.


_مصطفي:نعم نعم، قوات طيبة الفضائية اليس كذلك هههههه 


_نفرع: حسناً يا فتي، قل لي كم الساعة الآن!


_مصطفي: انها الثانية ظهرا.


_نفرع:باقي خمس دقائق، ستفهم كل شيء بعد خمس دقائق، و لسوف القاك بعد ثلاثة و خمسون دقيقة بعدها.


وإختفي.....


وقف (مصطفي) محدقا حوله غير فاهم لما يحدث، إنه يريد محادثة اباه تليفونيا لمعرفة علاقته بما يحدث، امممم لا توجد شبكة، حسناً هذا يحدث لأننا في صحراء، لكن عجباً لما يخطئ هاتفهه في كتابة التاريخ، ما هذا التاريخ؟؟و فجأة أظلمت السماء من فوقه فرفع راسه فشاهد العشرات بل و المئات من الطائرات التي تطلق نيرانها فتحيل مواقع ارضيه الي جحيم مستعر.


ارتعب (مصطفي) من هول ما رآه، أقد قامت الحرب؟ أهناك من يهاجم الجيش؟؟لكن الطيران يحلق قادماً من الغرب في اتجاه الشرق، اي ان تلك الطائرات قادمة من العمق المصري. و الاغرب انها طائرات قديمة تعود إلي حقبتي الستينيات و السبعينيات من القرن الماضي. الم تحال تلك الطائرات إلي الاستيداع؟؟؟؟؟





وما هذه الصواريخ المرعبة الآتية من جهة الغرب محيلة طائرات اخري آتية من الشرق إلي حمم تتساقط من السماء. إن الارض من تحت قدمه تهتز بعنف كان الف زلزال يضربها مختلطا بصوت يدوي كأنها هزيم الرعد يدوي في كل مكان. ارتعب (مصطفي) من هول ما يدور حوله و قرر ان يحتمي بساتر كي يفهم ما يحدث.


مضت حوالي ساعة من الوقت ينتظر الي ان ظهر إليه (نفرع) ثانياً، فبادره (مصطفي) متسائلاً: 

_ما هذا؟؟

_نغرع: الم تفهم بعد؟؟؟

_مصطفي: أعلم انها حرب ضروس،لكن من يحارب و ما تلك الطائرات القديمة؟؟؟؟

_نفرع:انها حرب بدأت الساعه الثانيه و خمس دقائق ظهرا، و بدأت بتمهيد نيراني استمر ثلاثه وخمسون دقيقة و طائرات تعود إلي حقبة السبعينات، الم تفهم بعد؟

_مصطفي:أتعني؟؟؟

_نفرع:نعم، مرحباً بك في السادس من اكتوبر عام الف و تسعمائة و ثلاثة و سبعون.

_مصطفي:لكن كيف؟

_نفرع:إن الطاقة الناجمة عن انفجار دانات الفي مدفع بمعدل مئة و خمس و سبعون دانة/ثانيه، و ٢٢٢طائرة لمدة ثلاثة و خمسون دقيقة توازي آلاف المرات قوة (هيروشيما) النووية.

_مصطفي: و ماذا يعني ذلك؟

_نفرع: اسمعني جيداً يا (مصطفى). إن اعدائكم قد توصلوا الي تقنية تحول تلك الطاقة المرعبة الي طاقة مدمرة تنتقل عبر الزمان و المكان محدثاً لهم ما يريدون 

_مصطفي:هل تتحدث عن الإنتقال (الآني) الذي يسمح بتقسيم المادة إلي (إيونات) و من ثم إعادة تجمعيها؟


_نفرع: نعم، لكن بصورة اكثر تطورا. فتجد مثلاً انهم اصبحوا قادرين علي جعل قذيفة اطلقت عام ١٩٧٣ في اتجاه الشرق ، تسقط بعد عشرات السنين في اتجاه الغرب محولين بذلك واحد من اعظم انتصارتنا الي دمار شامل لنا بل و بإيدينا نحن.

_ مصطفي:يا الله السموات، و كيف نحول دون ذلك؟

_نفرع:حزام اوريون.

_مصطفي:و علاقة هذا بذاك؟؟؟؟

_نفرع:أذهب إلي الاهرامات الليلة، فالليلة موعد التعامد الكوني بتوقيتك الاصلي. أذهب إلي الهرم الاكبر قبل منتصف الليل و أدلف الي حجرة الملك، ستجد مئوشر الزمن، اعده الي تاريخ اليوم ١٩٧٣/١٠/٦ حتي تمنع الكارثة.

_مصطفي: ولما الاهرامات؟

_نفرع: الاهرامات ليست مقابر لملوك الفراعنة كما يزعمون، انها مراصد فلكية عملاقة بناها اجدادك العظماء منذ آلاف السنين، و عند حدوث التعامد الكوني فإنها تولد طاقة هائلة تسمح بإختراق حاجز الزمن.

_مصطفي:و كيف عرفت؟

_نفرع:لقد اتيت الي هنا سابقآ و قابلت والدك منذ نحو خمسة وعشرين عاماً في نفس الموضع.

_مصطفي:لذا تأتيانني في أحلامي معا؟

_نفرع:ليست احلام؟

_مصطفي: لما لا تاتي معي؟؟؟

_نفرع: إن ما تبقي لدي من طاقة لن يكفي، و الان لتذهب و لسوف اعيدك الي زمنك الي غرب شاطئ القناة لتري الفارق، عليك بتغيير المستقبل يا (مصطفي).

_مصطفي: ولكن...

وهنا تلاشي (نفرع)و وجد (مصطفي) نفسه واقفاً علي الشاطئ الغربي للقناة و قد توقفت الحرب، وقف متسائلا (اكان حلما)، لا لا، لا اظن. أستقل حافله الي القاهرة، لكن عجباً انها حافلة قديمة للغاية و الناس تبدو عليها الفقر و البؤس.

و ماذا ايضاً، إن جبال البحر الاحمر تبدو و كانها مسحوقة و كان الف نيزك قد ضربها، و هنا سأل رجل يجلس بجواره:

_ما هو تاريخ اليوم يا سيدي؟

_٣٩/١/٢٧.

_ماذا ١٩٣٩؟؟؟؟؟

_هههههه، أتمزح إنه العام ٣٩.

_كيف؟؟؟؟؟

_مابالك؟ إكنت نائماً في كهف يا صاح!!!

_ أعتبرني كنت كذلك! لكن اخبرني بالله عليك كيف هو هذا التقويم؟

_أبان الحر حدثت موجات غريبة دمرت الاخضر و اليابس، حتي الشارات اللاسلكية و البث الاكتروتي توقف لعدة سنوات، مما تسبب في تأخرنا مئة عام بسبب الدمار.

و هنا اطرق (مصطفي) إلي التاريخ ٣٩/١/٢٧ اي انه مضي تسع و ثلاثون عاما و شهرا و سبع و عشرون يوما منذ ١٩٧٣/١٩/٦ ، و إن التاريخ بتوقيتي انا هو ٢٠١٢/١٢/٣ اي ان اليوم هو موعد التعامد الكوني عند الاهرام، فقد صدقت يا (نفرع).

لكن ما كان يراه طوال الطريق الى القاهرة كان يثير في نفسه حزن جم،فالطريق الصحراوي الذي يربط مدن القناة بالقاهرة قد اصبح ضيقا،بائسا، متكسرا يعاني الإهمال و بلا خدمات. و بعد ساعات من السفر المرهق وصل إلي مشارف القاهرة 

لكن ما رآه جعل قلبه يذرف دما،مباني قديمة مهدمة، سيارات صدئة من القرن البائت، عجباً إن الجمال و الإبل صارت وسيلة مواصلات في القاهره؟؟؟؟ الفوضي و الدمار والفقر في كل مكان حتي ان برج القاهره قد شابه الإهمال و الهرم فصار برجا صدئا، منطفيئ الانوار و قد كسوته النباتات المتسلقة.

بكي (مصطفي) كما لم يبكي إنسان من قبل، سال دمعه مختلطا بمجري النيل الحزين، كثرت احزانه لتسع الكون ذاته بل و الاكوان جميعها، صرخ صرخة افاقت الليل المريض، لكن كل ذلك كان داخل نفسه، نعم لا وقت الإنهيار إلي الاهرامات.

أمتطي (مصطفي) ناقة و توجه إلي الاهرامات، ليس كسائحا و لكن لانها صارت وسيلة المواصلات الوحيدة المتاحة داخل القاهره. ها قد وصل اخيرا الي سفح الأهرامات التي حيرت و ستظل تحير البشرية علي مر التاريخ، و كان ما شاهده جميلاً. كانت الكواكب الثلاثة تتعامد فوق الاهرامات في مشهد مهيب تبدو فيه الاهرامات و كانها تعانق السماء.





صعد (مصطفي) متسلقا الهرم و دلف إلي الداخل.... حسناً الدرج ....ممر طويل....غرفة الملك أخيرا،لكن اين يقع هذا المؤشر، انا حتي لا اعلم شكله. 

_هاك يا (مصطفي) جوار تابوت الملك عليه نقش (حورس). كان هذا هو صوت (نفرع) الذي جاء يساعده كالعادة.

_مصطفي:لكن ماذا افعل؟ 

_نفرع:قم بعكس ترتيب الارقام. ضع المؤشر في الدائرة الكبري علي رقم ٢٧ و الوسطي علي رقم ١ و الصغري علي رقم ٣٩، و لسوف ينتهي كل شيء، اسرع بالله عليك، فلسوف ينتهي التعامد بعد ثوان ، اسرع وإلا فسوف تنتظر مصر ٢٧٣٧ عاما آخري، اسرع بالله عليك.

_مصطفي: حسناً اممم ٢٧ ثم ١ ثم ٣٩ الان. عجبا لم يحدث شئ، لا شئ بتاتاً، هل تأخرت و سوف يظل الوضع كما هو عليه؟؟ يا ويلي أقد اخفقت إن البي نداء وطني، أقد فشلت في اولي مهاهي الحقيقية في الحياة، أواه يا مصر ، يا حزني وقد خذلت وطني، يا ويلي من......

لكن (مصطفي) لم يكمل كلامه فقد اضاء ضوء قرمزي المكان و توهج بشدة و مالت الارض و أغشي علي (مصطفي).

_مصطفي انهض يا ولدي.

_ أقد حان الوقت يا أبي؟

_نعم اليوم يومك يا بطل.

_الان قد صرتوا رجالاً و تستطيعوا إن تخدموا وطنكم.

_مصطفي، الان يجب عليك ان تغير المستقبل.

إنه يريد (نفرع)، القائد، والده،،،،،،،أيعود الزمن إلي الوراء؟ ماذا يحدث؟

افاق (مصطفي) مجددا ليجد نفسه عند سفح الهرم الاكبر، لكن المشهد كان مختلفا، كانت الاهرامات مضيئة، السيارات حديثة، الناس في احسن حال، يري برج القاهره يشرف من بعيد علي مدينة الالف مئذنة مبشرا بعد افضل، راي القاهرة كأجمل مرة يراها في حياته، سال دمع عيناه فرحا هذه المرة، لقد غير المستقبل، فعل شيئا عظيماً، لقد استغل فرصاً هبطت عليه من السماء، فعلاً هبطت عليه من السماء.

_ أبليت حسناً يا حفيد الفراعنة،،،كان هذا هو صوت (نفرع) محدثاً إياه.

_مصطفي: ههههه انت لم تكن حلما إذن.

_نفرع:لا يا صديقي،بل انت الذي عشت طوال عمرك تبغي ان تكون شيئاً عظيماً، و كنت طاهر القلب نقي السريرة، قد اقتنصت فرصة قد لا يتخيل البعض وجودها فقط أمن في نفسك يا صاحبي.

_مصطفي:و الإن أقد صرت بطلا.

_نفرع:نعم، بطل غير التاريخ لكنك بطل في الظل يا صديقي.هل تقبل بهذا؟

_مصطفي:لطالما حققت ما ابتغي فإنني لا آبه لأحد.

_ نفرع:ههههه إحسنت يا صديقي، و الان إلي اللقاء.

_ مصطفي: إلي اين يا صديقي؟

_نفرع: مسافراً عبر الزمان و المكان اقاتل من اجل مصر.

_مصطفي: نعم من اجل مصر.

و إنطلقت المقتالة الفرعونية تشق السماء من اجل مهمة اخري من اجل مصر.......فقط من اجل مصر.




 

                                                                   د.سامح هدهود
























google-playkhamsatmostaqltradent